قانون المخدرات يمنحك فرصة للعلاج والنجاة من السجن إذا وقعت في براثن الإدمان



بقلم المستشار محمد إبراهيم عوض الرئيس بمحكمة استئناف القاهرة

شغلت آفة الإدمان على المخدرات والاتجار فيها بال ولاة الأمور أمدا طويلا، لما تجره من تدهور في الصحة العامة والأخلاق، وتعطيل القوى البشرية في الوطن، حتى تهريبها داخل البلاد سلاحا يلجأ إليه العدو لتحطيم القوى البشرية فيها.

ولذا صدرت العديد من التشريعات لمجابهة تلك الآفة كان أخرها القانون رقم 182 لسنة 1960 بشأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والإتجار فيها
وإذا كان المشرع قد تشدد في المعاملة الجنائية لمن يجلبون تلك السموم أو يتجرون فيها أو يروجونها ، فإننا نجده على النقيض من ذلك قد نص في المادة 37 من القانون المشار إليه على استعمال الرأفة مع الشخص الذي يحوز أو يحرز المخدر بقصد التعاطي أو الاستعمال الشخصي وجعل العقوبة السجن والغرامة التي لا تقل عن عشرة آلاف جنيها مع النص على حد أدنى لعقوبة الحبس في حالة تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات ، هو الحبس لمدة ستة أشهر – وقد روعى في توقيع الغرامة علي المتهم ردع أمثاله بجعلهم أمام خطر فقد أموالهم فضلا عن إيداعهم في السجن لعلهم يثوبون إلى رشدهم فيحرصون على عدم تعاطى المخدرات.

وأخذا بتوصيات الأمم المتحدة وأسوة بما هو متبع في العديد من البلاد المتمدينة من اعتبار متعاطي المخدرا مريضاً وليس مجرما ، وعطفا على مرضى الإدمان على المواد المخدرة والعمل على علاجهم من هذا الداء، استحدث المشرع الفقرة الثانية من المادة 37، والتي تنص على جواز أن تأمر المحكمة بإيداع من ثبت إدمانه على تعاطى المخدرات إحدى المصحات التى تنشأ لهذا الغرض ليعالج فيها، وذلك بدلا من العقوبة المقررة لجريمته، كما رؤى تشجيعا للمدمن على الإقبال على هذا العلاج، عدم جواز رفع الدعوى الجنائية عليه إذا ما تقدم من تلقاء نفسه للعلاج بالمصحة.

وعلى ذلك فقد فرق المشرع بين فرضين

الفرض الأول أن يثبت للمحكمة من تلقاء نفسها أو بناء على طلب شخص أخر غير المتهم كزوجه أو والده إدمان المتهم على تعاطي المخدرات وفي هذه الحالة يكون الأمر جوازيا للمحكمة فلها أن توقع عليه العقوبة المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 37 من قانون المخدرات ولها أن تُعمل نص الفقرة الثانية من ذات المادة بإيداعه إحدى المصحات التى تنشأ لهذا الغرض ليعالج فيها.

أما الفرض الثاني فهو أن يتقدم المدمن من تلقاء نفسه للعلاج بالمصحة وفي هذه الحالة اعتبر المشرع فعله هذا مانعاً من موانع العقاب فقرر عدم جواز رفع الدعوى الجنائية عليه.

وقد استقر قضاء محكمة النقص على أن القانون رقم 182 لسنة 1960 وإن استلزم ثبوت إدمان الجاني على تعاطي المخدرات لجواز الحكم بإيداعه إحدى المصحات ، إلا ان المشرع لم يشأ أن يورد تعريفاً محدداً للإدمان أو أن يقرنه بمدلول طبي معين . افصاحه بذلك عن رغبته في تعميم مدلوله و عدم قصره على أعراض مرضية محددة . الإدمان على الشئ لغة هو المداومة عليه . على المحكمة أن تتحقق بأنها بصدد حالة يداوم فيها الجاني على تعاطي المواد المخدرة لكي تأمر بإيداعه المصحة . ما دانت القيود الأخرى المنصوص عليها في الفقرة الخامسة من المادة 37 من القانون سالف الذكر غير متوافرة في حقه وهي لا تتقيد في ذلك بدليل معين فلها أن تتبين حالة الإدمان من كافة وقائع الدعوى وعناصرها المطروحة على بساط البحث وأن تقيم قضاءها في ذلك على أسباب سائغة
ومن هنا يبرز حرص المشرع على اصلاح أمر من ابتلي بالادمان على المواد المخدرة والأخذ بيده للعلاج من هذا الداء
إلا أن كل ذلك رهن بأن يكون مدمن المخدرات جاد في رغبته في العلاج والاقلاع عن تعاطي تلك السموم
وعلى ذلك فقد نص المشرع على أن من دخل المصحة وعاد بعد خروجه منها إلى استعمال المخدرات قبل انقضاء خمس سنوات على ذلك أو من دخلها أكثر من مرة وهو في غالب الأمر شخص لم يجد العلاج معه فقد نص على أنه في هذه الحالة لا يجوز أن يودع المصحة ثانية.

زر الذهاب إلى الأعلى