دولة إسلامية تحظر النقاب.. وفرض غرامات مالية على المخالفين
تسببت قرارات جديدة في إثارة حالة من الجدل في دولة قرغيزستان المسلمة التي كانت تتبع الاتحاد السوفييتي سابقاً بعدما قرر رئيسها حظر ارتداء النقاب أو أي رداء يغطي معالم الوجه كاملةً بالأماكن العامة، كذلك منع الصلاة وكافة الشعائر الدينية داخل دور رعاية الوحدات العسكرية والمسنين والسجون.
وتضمنت قرارات صدير جاباروف رئيس قرغيزستان، قانوناً جديداً يشمل مجموعة من البنود التي تهدف إلى تنظيم ممارسة الشعائر الدينية في البلاد وتعزيز الهوية الوطنية وتقليل المظاهر التي تعتبرها السلطات تهديداً للثقافة والتقاليد القرغيزية القديمة، وتضمنت القرارات خمسة بنود وهي كالتالي:
1ـ حظر النقاب والملابس التي تغطي الوجه بالكامل، بغرض تعزيز التعايش الاجتماعي وتجنب ما تعتبره السلطات مظاهر دينية تصل لحد التشدد.
2ـ ضرورة الفصل بين الحياة العامة والدين في بعض المؤسسات، مثل دور رعاية المسنين والسجون والوحدات العسكرية، حيث نص القانون الجديد على تقييد إقامة الشعائر الدينية في تلك المؤسسات.
3ـ حظر الإكراه على الممارسات الدينية، حيث يمنع القانون إجبار الآخرين على القيام بممارسات دينية أو الانضمام إليها، تعزيزاً لقيم الحرية الشخصية للمواطن.
4ـ وضع ضوابط على المنشورات الدينية وحظر توزيع الأدبيات والمنشورات ذات الطابع الديني في الأماكن العامة والمدارس.
5ـ منع تأسيس أحزاب سياسية ذات خلفية دينية، وذلك لتعزيز الفصل بين الدين والسياسة في البلاد الواقعة بوسط القارة الأسيوية.
كما يشمل القانون عقوبات صارمة للمخالفين، حيث يتعرضون لغراماتٍ مالية تصل إلى 20 ألف سوم بحق كل من ينتهك البنود المشار إليها، أي ما يقارب 228.7 دولارًا.
جاءت هذه الخطوة بعد قرارٍ مماثل في دولة طاجيكستان، حيث وقع رئيس البلاد، إمام علي رحمن، قانوناً يحظر ارتداء النقاب، ووصفت السلطات الطاجيكية الملابس التي تخفي معالم الوجه بأنها تهديد للهوية الوطنية والثقافة التقليدية، لافتا أن هذه الظاهرة تسهم في تعزيز الانفصال عن جذور الأمة الطاجيكية.
ومن ناحيه اخرى, كشفت السنغال أنها تنوي منع المسلمات من ارتداء النقاب لدواع أمنية، حيث افادت السلطات السنغالية إن الالبسة الفضفاضة تسهل اخفاء المتفجرات التي ينفذها الجهاديون المسلمون.
ودعا وزير الداخلية عبداللاي داوودا المواطنين إلى عدم اعتبار هذا الإجراء على أنه معاد للإسلام، فالسنغال دولة ذات أغلبية مسلمة، على حد تعبيره.
وتعتبر السنغال الدولة الإفريقية الخامسة التي تفرض قيودا على المسلمات بشأن ارتداء النقاب في حالة تطبيق القرار الجديد.
جدير بالذكر ماكي سول الرئيس السنغالي وهو مسلم، قد طلب حملة شجاعة لمكافحة المتطرفين الإسلاميين.
ولا تعتبر السنغال البلد الوحيد الذي اتخذ هذا القرار, بينما هناك دول أخرى حظرت النقاب، مثل تشاد والجابون وبرازافيل والكونغو.
وتعتبر البلاد الخمس هي مستعمرات فرنسية سابقة، وقد سبقتهم فرنسا في حظر النقاب عام 2011, مما آثار ضجة واسعة.
كانت تشاد والكاميرون قد تعرضتا لهجمات انتحارية ارتبطت بحركة “بوكو حرام” النيجيرية، التي يرتدي منفذو عملياتها أحيانا النقاب لتسهيل دخولهم إلى الأماكن المزدحمة.
يذكر أن الحكومة التشادية قد قررت حظر ارتداء النقاب عقب الهجوم الانتحاري الذي أودى بحياة 33 شخصا في العاصمة انجامينا في يونيو 2024 .
وبعد قرار الحكومة التشادية بحظر النقاب اتخذت كل من الكونغو برازافيل والجابون نفس الإجراء حذو تشاد، وذلك بعد وقوع هجوم انتحاري في الكاميرون فجرت امرأتان ترتديان النقاب نفسيهما في بلدة فوتوكول القريبة من الحدود مع نيجيريا، حيث قتل في ذلك الوقت نحو 13 شخصا.
وقد درست السنغال تطبيق اجراء مماثل، في ذلك الوقت رغم انها لم تتعرض لأي هجمات، لكن السلطات ألقت القبض على إمامين بشبهة وجود صلات لهما مع جماعات متشددة، وهي الحالة الأولى المعلن عنها في البلاد.
وكان الرئيس السنغالي قد وصف ارتداء النقاب بأنه غريب على ثقافة الشعب السنغالي وروح الإسلام المتسامح المنتشر في غرب القارة الأفريقية.
وكانت فرنسا التي تضم نحو 5 ملايين مسلم – اكبر جالية مسلمة في اوروبا الغربية – قد تسببت في حدوث لغط كبير عام 2010 عندما اصبحت اول دولة اوروبية تحظر ارتداء النقاب بالأماكن العامة، بعد تصويت مجلس الشيوخ الفرنسي بأغلبية كبيرة على قانون يحظر ارتداء النقاب والبرقع، وكذلك الاقنعة والخوذ التي تخفي هوية الشخص.
وكان الرئيس الفرنسي وقتئذ نيكولا ساركوزي قد قال إن النقاب “ليس مرحبا به” في الاراضي الفرنسية، معتبرا اياه “لا يتماشى” مع نموذج الاندماج الفرنسي المرتبط بالعلمانية التي تتبناها الجمهورية الفرنسية والتي تحظر وفقا لقانون 1984 ارتداء أي رموز أو ملابس تشير الى انتماء ديني .
كما ينص القانون الفرنسي والذي يحظر الحجاب على عقوبات ضد من يجبر النساء على ارتداء هذا الزي، حيث تصل العقوبة إلى السجن لمدة سنة واحدة، وغرامة قد تصل الى 32 الف دولار، فيما هوجم القانون باعتباره يستهدف المسلمات دون غيرهن، واحيلت القضية الى محكمة حقوق الانسان الاوروبية عام 2014، الا ان قضاة المحكمة أيدوا ما جاء بالقانون وقرروا أنه لا يعد انتهاكا لحقوق الانسان.
كما حذت بلجيكا حذو فرنسا في عام 2012، حيث منعت أية ملابس تعوق التعرف على هوية الشخص “لأسباب أمنية.”
وكانت هولندا، قد اتخذت نفس القرار ولكن في وقت سابق من عام 2007 حيث منعت النقاب في مدارسها ثم أصدرت قرارا لاحقا بتوسيع قرار الحظر ليشمل الاماكن العامة مثل وسائل النقل والجامعات وبعض المهن المحددة وليس المدارس فقط.
وبينما لا تحظر أي دول اوروبية أخرى ارتداء النقاب على النطاق الوطني، تلتزم بالحظر مناطق محددة في دول أخرى.
وبالنسبة لتركيا فقد رفعت الحظر المفروض على ارتداء الحجاب عام 2013، وسط مخاوف عبر عنها حزب العدالة والتنمية الاسلامي الحاكم بأن الحظر يمنع المسلمات “الملتزمات” من التقدم في التعليم والحياة العامة.
كما سمحت سوريا منذ عام 2011 للمدرسات بارتداء النقاب الذي يغطي الوجه، حيث الغت قرارا كان قد أصدره وزير التعليم العالي بحظر هذا الزي وسط قلق من تصاعد موجة التطرف بين الطالبات .
كما ألغت تونس قرار حظر النقاب عام 2011 وسمحت بارتدائه .
وكانت السيدات التونسيات قد تعرضن لضغوط من جانب الدولة لإجبارهن على التخلي عن الحجاب، الذي كانت الحكومة تنظر اليه باعتباره “لباسا طائفيا.”