السيسي وماكرون يؤكدان ضرورة العودة لاتفاق وقف إطلاق النار ورفض دعوات تهجير الفلسطينيين.. وسياسيون: عشاء ماكرون في خان الخليلي بمثابة رسالة طمأنة للعالم وترويج للسياحة

اصطحب الرئيس عبد الفتاح السيسي نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون في جولة تاريخية مساء، شملت زيارة مسجد الإمام الحسين بالقاهرة، أعقبها جولة في منطقة خان الخليلي العريقة، انتهت بتناول العشاء في أحد المطاعم الشهيرة بالمنطقة.
وتفقد الرئيسان خلال الزيارة مسجد الحسين بعد أعمال الترميم والتطوير التي شهدها مؤخرًا، حيث استعرضا الجهود المبذولة للحفاظ على التراث الإسلامي والهوية الثقافية المصرية، وقد أبدى الرئيس ماكرون إعجابه بالعمارة الإسلامية وروحانية المكان.
وعقب الزيارة، تجول الزعيمان في أروقة خان الخليلي، حيث شاهدا الحرف اليدوية التقليدية والتقيا بعدد من المواطنين والزائرين. واختتما الجولة بعشاء ودي في أحد مطاعم القاهرة القديمة، في أجواء تعكس روح الضيافة المصرية ودفء العلاقات بين البلدين.
تأتي هذه الزيارة ضمن جدول أعمال زيارة الرئيس الفرنسي إلى القاهرة، والتي تشمل مباحثات سياسية مكثفة، وقمة ثلاثية مرتقبة مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني لبحث تطورات الأوضاع في غزة.
ووصف محللون سياسيون زيارة الرئيس الفرنسي لأحد المناطق الشعبية المصرية وأحد اقدم المناطق التراثية هو ذكاء من القيادة المصرية وترويج للسياحة واعلان رسالة للعالم ان مصر مستقرة وخاصة بعد الرسائل الذي اراد ترويجها اهل الشر في الفترة ما بعد ثورة يناير واحداث الشغب وتصدير الارهاب حتى تهتز صورة مصر امام العالم .
قال الرئيس عبدالفتاح السيسي، إنه والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أكدا خلال مباحثاتهما ضرورة العودة لاتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية ورفض أية دعوات لتهجير الفلسطينيين.
وشدد الرئيس السيسي، في كلمته خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع الرئيس ماكرون، على أهمية إعادة إعمار قطاع غزة بالتنسيق مع فرنسا لعقد مؤتمر حول إعادة الإعمار عقب وقف إطلاق النار بغزة.
ولفت الرئيس السيسي، إلى أن توقيعه والرئيس ماكرون اليوم على الإعلان المشترك لترفيع العلاقات إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية خطوة مهمة نحو تعزيز التعاون المشترك وفتح آفاق جديدة تحقق مصالح البلدين وتطلعات الشعبين الصديقين، مشيدا بالعلاقات التاريحية التي تربط مصر وفرنسا.
وأكد ضرورة تفعيل العلاقات في المجالات كافة، وأهمية تكثيف الاستثمارات وعمل الشركات الفرنسية في مصر على ضوء خبراتها المتراكمة.
ونوه الرئيس السيسي، إلى أن زيارة الرئيس الفرنسي لمصر، تجسد بجلاء مسيرة طويلة من التعاون الثنائي المثمر بين البلدين في كل المجالات التي تحقق مصالح البلدين الصديقين، وتوجت اليوم بالإعلان عن «ترفيع» العلاقات إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية.
وقال الرئيس عبدالفتاح السيسي، إن المباحثات تناولت استعراض العلاقات التاريخية الممتدة بين البلدين، وسبل دفعها قدما في المجالات ذات الأولوية كافة، لاسيما فيما يتعلق بتعزيز وتكثيف الاستثمارات الفرنسية في مصر»، مؤكدين أهمية توسيع انخراط الشركات الفرنسية في الأنشطة الاقتصادية المصرية خاصة مع الخبرات المتراكمة لتلك الشركات في مصر على مدار العقود الماضية.
وأضاف: «شددنا على ضرورة البناء على نتائج المنتدى الاقتصادي المصري الفرنسي الذي سيعقد اليوم لتعزيز التعاون المشترك ودفع عجلة التنمية الاقتصادية، واتفقنا على أهمية تنفيذ كافة محاور الشراكة الاستراتيجية الجديدة، بما في ذلك الدعم المتبادل للترشيحات الدولية وتعزيز فرص التعاون في مجالات توطين صناعة السكك الحديدية والتدريب الفني والمهني والذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني وإنتاج الهيدروجين الأخضر».
وتابع السيسي: «أكدنا خلال المباحثات أهمية التعاون بين البلدين في مجال الهجرة وضرورة دعم مصر في جهودها لمكافحة الهجرة غير الشرعية، خاصة في ظل استضافتها لأكثر من 9 ملايين لاجيء».
وفي ذات السياق استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيره الفرنسى إيمانويل ماكرون، ملك الأردن الملك عبد الله الثانى.
وحسب بيان للسفير محمد الشناوي، المتحدث باسم الرئاسة المصرية، أنه عقب القمة المصرية-الفرنسية، ستُعقد قمة ثلاثية مصرية أردنية فرنسية، بمشاركة الرئيسين عبد الفتاح السيسي والفرنسي إيمانويل ماكرون، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بن الحسين؛ حيث تهدف القمة الثلاثية إلى مناقشة تطورات الأوضاع الإقليمية، بما في ذلك الوضع في قطاع غزة والضفة الغربية
ومن جانبها قالت هيئة الإسعاف المصرية، إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حرص خلال جولته اليوم بالعريش، على توجيه الشكر للأطقم الإسعافية على الدور الإنساني الاستثنائي الذي قدموه خلال هذه الأزمة الإنسانية التي ألمّت بقطاع غزة.
جاء ذلك خلال الجولة التفقدية لرئيس فرنسا، إيمانويل ماكرون، والتي اصطحبه خلالها الدكتور خالد عبد الغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة والسكان، والدكتور عمرو رشيد، رئيس مجلس إدارة هيئة الإسعاف المصرية، لتفقد جهود الإسعاف المصري في إغاثة الأشقاء من مصابي قطاع غزة المكلوم جراء العدوان الغاشم الذي عصف بهم، والذي دخل عامه الثاني.
وبالتزامن مع الزيارة قرر الدكتور خالد عبدالغفار نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة والسكان، صرف شهر مكافأة لجميع العاملين في مستشفى العريش، تقديرًا للانضباط في العمل والجهود المبذولة، وجودة الخدمات المقدمة للمواطنين، وللأشقاء الفلسطينيين القادمين من قطاع غزة.
ومن جانبها أكدت الدكتورة كوثر محمود، نقيب التمريض وعضو مجلس الشيوخ، أن الرئيس عبد الفتاح السيسي أثبت للعالم أن موقف مصر قوي وثابت في دعم القضية الفلسطينية، مشيرة إلى أن زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى مصر جاءت في توقيت بالغ الأهمية، وتحمل دلالات سياسية وإنسانية واضحة، تعكس التقدير الدولي المتزايد للدور المصري في إدارة الأزمات الإقليمية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
وأوضحت نقيب التمريض أن الزيارة، وخاصة جولة ماكرون في مدينة العريش برفقة الرئيس عبد الفتاح السيسي، حملت رسائل قوية وواضحة، سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي، تؤكد أن مصر باتت ركيزة للاستقرار في المنطقة، وأنها تقود تحركات فاعلة لحماية الأمن القومي العربي، والدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
وأكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تقديره للاطقم الطبية وتعاملهم مع مصابي ومرضى غزة مشيرا إلى أن غزة يعيش فيها مليونا شخص “محاصر” ولا يمكن الحديث عنها كـ”مشروع عقاري”، وذلك خلال زيارة خلال زيارته إلى مدينة العريش المصرية القريبة من القطاع. واعتبر ماكرون أن استئناف إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة المحاصر هو “أولوية الأولويات”.
وأضاف: “لا يمكننا محو التاريخ والجغرافيا. لو كان الأمر ببساطة مشروعا عقاريا أو استحواذا على أراضٍ.. لما كانت الحرب اندلعت من الأساس”.
كما أجرى الرؤساء الفرنسي والمصري وملك الاردن اتصالا هاتفيا بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب ناقشوا خلاله سبل العودة إلى وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة المقاومة الفلسطينية (حماس) واستئناف مفاوضات إطلاق سراح الرهائن في غزة.
تقوم العلاقات الثنائية الفرنسية المصرية على روابط تاريخية زخمة تستند إلى الصداقة والثقة المتبادلة، ونمت هذه الروابط بشدة منذ أربع سنوات وعلى مختلف المستويات.
وتعددت الزيارات الثنائية الرفيعة المستوى، وذلك بوتيرة زهاء زيارة في السنة على مستوى رئاسة الدولة، فقد زار رئيس الجمهورية السيد عبد الفتاح السيسي باريس من 25 إلى 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2014، وشارك رئيس الجمهورية الفرنسية، بصفة ضيف شرف، في تدشين أعمال توسيع قناة السويس في 6 آب/أغسطس 2015، وقام رئيس الجمهورية الفرنسية بزيارة دولة إلى مصر من 17 إلى 19 نيسان/أبريل 2016، وقام رئيس الجمهورية السيد عبد الفتاح السيسي بزيارة رسمية إلى باريس من 23 إلى 25 تشرين الأول/أكتوبر 2017، ثم زار رئيس الجمهورية الفرنسية مصر يومَي 28 و29 كانون الثاني/يناير 2019.
ويجري حوار سياسي وثيق بين فرنسا ومصر بشأن القضايا الإقليمية كعملية السلام في الشرق الأوسط أو ليبيا أو حتى أفريقيا.
وتعد فرنسا شريكًا اقتصاديًا بالغ الأهمية لمصر، إذ سجّلت المبادلات التجارية بين فرنسا ومصر زيادة بنسبة 22 في المائة في عام 2019 لتبلغ 3 مليارات يورو، بعد أن كانت قد سجلت في عام 2016 تراجعًا هو الأقوى منذ عشر سنوات بنسبة 27،5 في المائة سنويًا ووصلت قيمته إلى مليارَي يورو، وذلك بناءً على بيانات الجمارك الفرنسية.
ويشير البنك المركزي المصري، إلى أنّ فرنسا احتلت المرتبة الثانية عشرة في قائمة الشركاء التجاريين لمصر في السنة المالية 2018/2019 (3 في المئة من إجمالي المبادلات التجارية المصرية) لكنها تراجعت مرتبة واحدة عن السنة المالية 2017/2018 (2،9 في المئة من المبادلات).
وتعزز في الآونة الأخيرة الحضور الاقتصادي الفرنسي في مصر بفضل وجود 160 فرعًا لمنشآت فرنسية توظّف أكثر من 50 ألف شخص. وتحتل المنشآت الفرنسية مكانة قوية في القطاعات الواعدة في الاقتصاد المصري مثل الصناعة والصناعة الزراعية والأجهزة الكهربائية والصيدلة والتوزيع واستغلال المحروقات والسياحة والبنى التحتية.
ويُثبت إبرام الاتفاقات الرمزية لمنشآتنا جودة العلاقات الاقتصادية الفرنسية المصرية، ففي قطاع النقل يُعدّ مترو الأنفاق في القاهرة مشروعًا بارزًا من مشاريع التعاون الثنائي، وأسهمت فيه المنشآت الفرنسية إسهامًا كبيرًا ولا سيّما بفضل دعم مالي فرنسي استثنائي (أكثر من ملياري يورو من التمويلات الميسّرة منذ عام 1980). أمّا في المجال العسكري، فأبرمت عدة عقود تصدير هامة منذ عام 2015.
يتولى المعهد الفرنسي في مصر تنشيط التعاون بين البلدين، ويملك المعهد ثلاثة فروع في القاهرة واسكندرية ومصر الجديدة.
ويتمثّل الحضور الفرنسي في مجال البحوث بوجه خاص في معهد البحوث بشأن التنمية ومركز الدراسات والوثائق الاقتصادية والقانونية والاجتماعية اللذين تتناول أعمالهما اختصاصات العلوم الإنسانية والاجتماعية واللذين تتمحور أنشطتهما البحثية حول ثلاثة موضوعات وهي الحوكمة والسياسات العامة، والتطور المدني وتحسين حركة النقل، والإنسانيات الرقمية.
أما في مجال علم الآثار، فتتبوأ فرنسا الصدارة في هذا المجال في مصر عبر المعهد الفرنسي لعلم الآثار الشرقية (IFAO)، والمركز الفرنسي المصري لدراسات معابد الكرنك، ومركز الدراسات الاسكندرانية، فضلًا عن البعثات الأثرية الفرنسية المتعددة في مصر.
ووسمت نخبة من المصريين التقاليد الفرنكوفونية أمثال بطرس بطرس غالي الذي كان أوّل من شغل منصب الأمين العام للمنظمة الدولية للفرنكوفونية من عام 1998 إلى عام 2002. وتمثّل المدارس الثنائية اللغة عماد الفرنكوفونية وتؤهّل الطلاب للانخراط في الكليات الفرنكوفونية في التعليم العالي وفي الجامعة الفرنسية في مصر التي تصبو إلى توفير تعليم ممتاز، إلى جانب المؤسستين التعليميتين ذات الإدارة المباشرة والمؤسسات المؤهلة.
وأخيرًا، تنتهج فرنسا سياسة تعاون مهمة في مصر في المجال التقني في العديد من القطاعات، ولا سيّما في مجالي الإدارة والعدل، فتسهم في برنامج تعاون سنوي يتيح لكبار الموظفين والقضاة المصريين متابعة برامج تدريب في المدرسة الوطنية للإدارة والمعهد الوطني للقضاة في فرنسا. ويجري العمل على مشروع إنشاء “مدرسة وطنية للإدارة على المنوال المصري”.
وتعليقا على العلاقات المصرية الفرنسية قال محمود عنبر، أستاذ الاقتصاد بجامعة أسوان، إن العلاقات الاقتصادية بين مصر وفرنسا شهدت قفزات كبيرة خلال السنوات الماضية، حيث حرص الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ توليه الحكم على تعزيز العلاقات الخارجية لمصر، وقد تخللت هذه الفترة زيارات متبادلة بين الرئيسين، والمتتبع لمجمل العلاقات يدرك وجود تطور ملحوظ بين البلدين بما ينعكس على معدل التبادل التجاري والاستثمارات وعدد الشركات المصرية العاملة في فرنسا والشركات الفرنسية العاملة في مصر.
وأضاف الخبير اقتصادي، في تصريحات صحفية أن حجم الصادرات والواردات بين مصر وفرنسا شهد ارتفاعًا غير مسبوق مؤخرًا، وهو ما كان له تأثير إيجابي على اقتصادات كلا البلدين، والأرقام المعلنة حاليًا ستتضاعف خلال الفترة القادمة مع وجود مناخ استثماري مشجع على كل المستويات سواء البنية التحتية أو التشريعية أو الوضع والسياسات المتوازنة في مصر، لتكون في ظل توقيت يعاني العالم فيه كل على تباطؤ تدفق الاستثمارات تصبح مصر جاذبة للاستثمار.
وأوضح عنبر أن مصر سوق استثمارية كبيرة وخلفها سوق عربية وإفريقية كاملة على اعتبار كون الدولة المصرية نافذة لهم بينما فرنسا ممر للأسواق الأوروبية، مما يجعل العلاقات المشتركة مهمة لكلا البلدين.
ومن جانبه قال الدكتور عمرو صالح أستاذ الاقتصاد السياسي إن زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لمصر تعكس عمق العلاقات والشراكة الاستراتيجية بين البلدين، مؤكدا أن الفترة الأخيرة شهدت تطورا ملحوظا في العلاقات الاقتصادية بين مصر وفرنسا.
وأضاف صالح، أن زيادة الاستثمارات الفرنسية في مصر من شأنه زيادة حجم التبادل التجاري بين مصر وفرنسا ليصل إلى 10 أو 12 مليار دولار خلال السنوات القادمة، مؤكدا أن الرقم الحالي قد يصل إلى 8 مليار دولار.
كما أوضح أن فرنسا تعد شريكا استراتيجيا هاما لمصر، مشيرًا إلى أن العلاقات المصرية الفرنسية بدأت منذ الحملة الفرنسية علي مصر حيث تعد فرنسا قوة ثقافية وعلمية واقتصادية، إضافة إلى دور فرنسا البارز في تطوير البنية التحتية في مصر من خلال العديد من الشركات الفرنسية التي تعمل في السوق المصرية.
وأشار ايضا إلى الشراكات المصرية الفرنسية في مجال النقل والمواصلات حيث قامت فرنسا بإنشاء مشروع مترو الأنفاق بجميع مراحله، مطالبا بضرورة استثمار زيارة الرئيس ماكرون في زيادة التعاون وإجراء المزيد من الشراكات في مجالات التعليم والبحث العلمي، منوها أن فرنسا توفر فرصا تعليمية متميزة للطلاب المصريين.