تعليق غريب من رئيس الوزراء على هجرة الأطباء المصريين للخارج



علّق الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، على ملف هجرة الأطباء، قائلاً: “عندنا نوع من جلد الذات بالتّشكيك في جودة التعليم المصري، متعجّبًا من الروايات التي تقلل من جودة التعليم قائلاً: ”هل إذا كان التعليم بهذا السوء.. فهل سيخرج هذا الكم من الأطباء والمهندسين”؟

وقال مدبولي، في مؤتمر صحفي الخميس، إن كليات الطب كانت تخرّج 9 آلاف طالب ومع زيادة الكليات أصبحنا نخرج 15 ألف طالب في الوقت الحالي: “جزء من قوة مصر الناعمة هو خروج شبابها للعمل في الخارج وتحقيق عائد اقتصادي”.

جدير بالذكر أن نسبة أعداد الأطباء المتقدمين باستقالتهم لنقابة الأطباء قد تزايدات بمقدار 4 أضعاف، عن عام 2016 حيث كان 1044 استقالة إلى 4127 استقالة بعام 2021. وزاد عدد الاستقالات إلى 4261 استقالة خلال عام 2022 بمعدل يومي 12 طبيبًا وطبيبة – وفق بيانات سابقة لنقابة الأطباء – واستمرت الزيادة لتصل إلى 7 آلاف استقالة عام 2023، بحسب تصريحات تلفزيونية لنقيب الأطباء أسامة عبد الحي.

وكان الدكتور أسامة عبد الحي نقيب الأطباء قد قال في تصريحات له  أن النقابة تستدل على هجرة الأطباء المصريين للخارج، من خلال تقدمهم للنقابة للحصول على شهادة طبيب حر بغرض السفر للخارج، مرجعًا سبب الهجرة إلى عاملين، هما ضعف الرواتب والبحث عن بيئة عمل آمنة والتدريب والتعليم، إضافة إلى عدد ساعات العمل، وسكن الأطباء، والمعاملة في أقسام الطوارئ.

وتحاول الحكومة مواجهة الظاهرة عبر زيادة أجور العاملين بالمهن الطبية، من خلال رفع قيمة الرسوم والبدلات للأطباء، منها زيادة مقابل “السهرة” لتصل إلى 130 جنيهًا (2.55 دولار)، والمبيت إلى 195 جنيهًا (3.83 دولار) يوميًا، وكذلك زيادة بدل مخاطر المهن الطبية لتتراوح ما بين 250 إلى 300 جنيهًا (4.9 – 5.89 دولار) شهريًا، حسب بيان لوزارة الصحة.

وقالت الوزارة إنها تعتزم “الاستمرار في تحسين أجور الأطباء بموازنة السنة المالية المقبلة التي تبدأ في يوليو/تموز المقبل”، وتعيين 30 ألف طبيب، وفق تصريحات صحفية لوزير المالية.

وزادت المخاوف حول هذه الظاهرة صدور إعلان من جامعة الإسكندرية عن خلو 117 وظيفة من الوظائف الإكلينيكية للأطباء المقيمين في مستشفيات الجامعة ومعهد البحوث الطبية التابع لها.

وأصدرت الجامعة بياناً للرد على ما أثير حول هذا الإعلان موضحةً أن بعض الأطباء الذين خلت وظائفهم في مستشفيات الجامعة تنازلوا عنها للعودة للعمل في مستشفيات وزارة الصحة أو للالتحاق بأحد الأقسام التابعة للوزارة في التخصص الذي يرغبون فيه.

و اقترح النائب الدكتور مكرم رضوان، عضو لجنة الصحة في البرلمان المصري، اتخاذ 3 قرارات عاجلة لمواجهة الظاهرة: “لا بد من توفير راتب شهري عادل يضمن للطبيب حياة كريمة، خاصةً شباب الامتياز، كما يجب أن تكون مدة الامتياز 5 سنوات للاستفادة من جهودهم وحماسهم”، مطالباً بأن يكون هذا الراتب كافياً لاحتياجات الأطباء الشخصية والتعليمية.

وتابع: “كما يجب إصدار شهادة دولية موحدة متميزة تكون باسم البورد المصري، ويجب أن تعادل البورد الأميركي والزمالة البريطانية والبورد الكندي”، مضيفاً أن “هذه الشهادة سوف تتيح للطبيب السفر إلى أي دولة في العالم وهو ما قد يدفعه للالتزام والعمل بجدية خلال الخمس سنوات”.

وأضاف رضوان أنه “يجب توفير بيئة عمل مناسبة وآمنة ومستوفية بالمستلزمات والإمكانيات والأجهزة، يضمن فيها الطبيب الأمان وعدم الاعتداء عليه من أهالي المرضى ويشجعه على العمل في مناخ صحي آمن وخال من المعوقات”.

وقال أمين صندوق النقابة العامة للأطباء، أبو بكر القاضي، إن عدد أعضاء النقابة يصل إلى حوالي 260 ألفًا، يعمل ما بين 110 إلى 120 ألفًا منهم في مصر، أي أن أكثر من 50% من الأطباء المصريين خارج المنظومة الصحية المصرية، ما بين طبيب حر ومستقيل من وزارة الصحة وما بين أطباء هاجروا للخارج، بحسب القاضي.

وأضاف القاضي أن معظم أطباء الدفعات الجديدة يرفضون استلام تكليف العمل بوزارة الصحة، ففي آخر دفعة عام 2023 تقدم حوالي 7 آلاف طبيب باستقالات ومعظمهم سافروا للخارج.

واقترح القاضي مواجهة هذه الظاهرة عبر تحسين الأجور من خلال زيادة مخصصات وزارة الصحة بالموازنة العامة، لرفع أجور المهن الطبية، وتسهيل تراخيص العيادات الخاصة للمساهمة في تحسين دخول الأطباء.

وقال أمين صندوق نقابة الأطباء إن استمرار ظاهرة هجرة الأطباء سيؤدي إلى ما أسماه “تصحر طبي” من خلال نقص الأطباء اللازمين لتشغيل المنظومة الصحية في مصر، داعيًا إلى العمل نحو تنمية السياحة العلاجية عبر تقديم خدمة صحية عالية الجودة للمرضى من خارج البلاد، سواء من الدول العربية والإفريقية لزيادة عوائد البلاد من النقد الأجنبي، وتحسين أجور الأطباء بدلًا من تصدير الأطباء للخارج، حسب قوله.

وسبق أن علق وزير الصحة خالد عبد الغفار، على هجرة الأطباء، قائلًا: “أتألم من الزيادة المرتفعة في هجرة الأطباء للخارج”، وأشار إلى “التأثر بغياب الكفاءات وهجرتها للخارج ولكن هناك بعض التعويض من خلال الانفتاح في كليات الطب وزيادة أعدادها لتعويض هذا النقص”، على حد قوله في مؤتمر صحفي في ديسمبر/كانون الأول الماضي.

وقالت عضو لجنة الصحة بمجلس النواب المصري، إيناس عبد الحليم، إن البرلمان سبق أن أجرى دراسة حول هجرة الأطباء في عام 2022، وحدّد أسباب هذه الظاهرة في رغبة الأطباء في التدريب والتعليم المستمر في الخارج، واستكمال الدراسات العليا (ماجستير ودكتوراه). وفي هذا الصدد تم إقرار قانون بإنشاء المجلس الصحي المصري، والمعني بتنظيم عمليات التعليم الطبي المهني ما بعد الجامعي في كافة التخصصات الصحية.

وأضافت: “ثانيًا، التعدي على الأطباء، وتم مواجهة هذه المشكلة بإقرار قانون المسؤولية الطبية والذي حدد عقوبات تصل إلى الحبس حال التعدي على الأطباء، وثالثًا عدم توافر الإمكانيات اللازمة لتقديم خدمات الرعاية الصحية للمرضى”، وذكرت أنه “تم حل أسباب ظاهرة هجرة الأطباء، وتأثير هذه الحلول سيظهر مع الوقت”.

وتنص المادة 25 من قانون قانون المسؤولية الطبية وحماية المريض بأنه يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بغرامة لا تجاوز 50 ألف جنيه (980.8 دولار)، كل من أتلف عمدًا شيئًا من المنشآت أو محتوياتها، أو تعدى على أحد مقدمي الخدمة أو قاومه بالقوة أو العنف أثناء تأدية مهنته أو بسبب تأديتها.

زر الذهاب إلى الأعلى