تكنولوجيا المعلومات .. ومواجهة الفساد
بقلم/ كمال ريان
لا يكاد يمر أسبوع تقريبا إلا وتكشف هيئة الرقابة الإدارية قضية فساد جديدة في وزارة من الوزارات أو جهة من الجهات .
هذا الكم من قضايا الفساد الكبيرة التي تتجاوز الملايين يضاف إليه قدرا هائلا من الفساد الصغير الذي تعايشه أو نتعايش معه يوميا علي مدي سنوات طويلة ، والذي أصبحنا نعتبره امرأ طبيعيا ولم يعد يزعجنا ، من رشاوى صغيرة في مختلف الجهات أخذت أسماء حركية لتجعلها أكثر قبولا مثل “الإكرامية ” .
وبرغم الجهد الكبير الذي تبذله هيئة الرقابة الإدارية في كشف و تعقب ومواجهة قضايا الفساد والذي أثمر عن ضبط عدد كبير من القضايا ، إلا إن ذلك لا يغني عن وضع خطط وإجراءات لتجفيف المنابع ، بحيث لا يقتصر الأمر علي ضبط الفاسدين ، إي إننا نحتاج إلي إجراءات وقائية لمنع ظهور المرض ولا ننتظر ليظهر ثم نعالجه .
تجفيف منابع الفساد يتطلب معالجة مشكلة ضعف الرقابة داخل مختلف الإدارات الحكومية ، كما يتطلب وجود قوانين رادعة لمن يتعمد تعطيل مصالح المواطنين نظير ابتزازهم والحصول منهم علي الإكراميات أو الرشاوى ، وقد كان صدور قانون الخدمة المدنية خطوة هامة في إقرار مبدأ حق المواطن في الحصول علي الخدمة مقابل حق الموظف في الحماية وفي الحصول علي الحوافز ، لكن المهم هو التطبيق الفعلي علي ارض الواقع .
يبقي المحور الأهم الذي لا غني عنه وهو ميكنة الخدمات المقدمة للمواطنين وتقديمها الكترونيا وهو ما يطلق عليه خدمات الحكومة الذكية ، فهناك قناعة تامة لدي المجتمع بأنه لا بديل عن استخدام تكنولوجيا المعلومات في تقديم الخدمات للمواطنين لمواجهة الفساد والقضاء علي البيروقراطية والروتين ، هذه القناعة يعبر عنها الرئيس عبد الفتاح السيسي في توجيهاته المستمرة للحكومة باستخدام تكنولوجيا المعلومات للقضاء علي الفساد وفي اجتماعاته المتوالية مع المهندس ياسر القاضي وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات .
وبالفعل تسابق وزارة الاتصالات الزمن لميكنة الخدمات في مختلف الجهات بالاتفاق مع مختلف الوزارات ، لكن يجب إن ندرك قيام وزارة الاتصالات بدورها في توفير البنية الأساسية وتدريب الكوادر اللازمة ليس كافيا إذا لم تتحقق ثورة تشريعية لتيسير الخدمات واختصار الإجراءات، وإذا لم تقم كل وزارة وكل جهة بتوفير محتواها الكترونيا ، وقبل ذلك كله فان الأمر يتطلب إرادة حقيقية لتطبيق مفهوم الحكومة الذكية أو الالكترونية، وإصرار علي تحطيم كل العوائق وفي مقدمتها محاولات الفاسدين وأصحاب المصالح عرقلة تلك الجهود لأنها تتعارض مع مصالحهم .. أنها معركة حقيقية ضد قوي الفساد وليس مجرد محاولات للإصلاح الإداري .