«خطف الأطفال» يرعب الأهالي.. تسول واغتصاب وتجارة أعضاء



تقرير ـ مروان محمد

 

انتشرت في الفترة الأخيرة ظاهرة خطف الأطفال بصورة كبيرة؛ الأمر الذي أصبح يمثل خطورة كبرى على المجتمع، وكثرت طرق وأساليب خطف الأطفال وعمليات خداع الضحايا وذويهم، فيما تباينت دوافع عمليات الخطف فمنها ما يكون بغرض الانتقام أو خصومة مع أهل الطفل أو للحصول على فدية، إلا أن الأخطر من ذلك هو استخدام الأطفال إمّا في التسول وذلك بإصابتهم بعاهة مستديمة أو في عمليات زراعة الأعضاء والتي تنتهي بموت الضحية، مما ترتب عليه حالة من الفزع والخوف في الشارع المصري.

أشهر حوادث خطف الأطفال

ولعل أخطر جرائم خطف الأطفال التي تم اكتشافها مؤخرًا، هي القضية الشهيرة بـ «عصابة خطف الأطفال»، بالدقهلية والمتهم فيها طفل معاق بتزعم تشكيل عصابي لخطف الأطفال وبيعها لتجار الأعضاء البشرية، عن مفاجآت مثيرة تتمثل فى اعترافات الطفل «عصام ر ع» 15 عامًا، معاق ببتر في القدم، يخطف الأطفال لبيعهم لعصابة تتاجر فى الأعضاء البشرية مقابل 1000 جنيه عن كل طفل.

واعترف الطفل عصام، بخطف الأطفال، ومنهم الطفل محمد الباز فى شهر رمضان عام 2015، بالإضافة إلى خطف 7 أطفال آخرين وحددهم، وحدد أشخاص وأسماء العصابة التى يعمل معها، ودور كل منهم في عمليات الاختطاف.

وأضاف الطفل، أن سيدة تدعى ” و. م” تتولي إدارة العصابة، وتعمل فى جلب الأطفال لرجال أعمال كبار وأطباء، وبعض العصابات، مشيرًا إلى كيفية عملهم وطريقة خطف الأطفال، حيث يقوم بتخدير الطفل المخطوف عن طريق أنبوبة إسبريه، وينقله بواسطة “توك توك” إلى المتهمة وبعد تسليمها الطفل، تقوم بإعطائه ألف جنيه عن كل طفل أختطفه وسلمه إليها”.

وكشف الطفل المتهم عن الخدعة التي يقوم باستخدامها لاستدراج الأطفال، وهي استعطاف الأطفال بمساعدته في دخول الحمام، وبعده يقوم برش الاسبريه عليهم ومن ثم يقوم بنقلهم إلى المتهمة عن طريق “التوك توك”، كما أكد أن المتهمة تقوم بإعطاء الطفل إلى طبيب بالمطرية ليقوم بنقل وبيع أعضائه بعد الاتفاق على ثمنه مع الراغبين في شراء الأعضاء وزراعتها.

وفي هذا الإطار غلظت الحكومة عقوبة جرائم الخطف لتصل في بعض الحالات إلى السجن المشدد لمدة لا تقل عن 15 سنة ولا تزيد على 20 سنة، ويحكم على فاعل جناية الخطف بالإعدام أو السجن المؤبد إذا اقترنت بها جريمة مواقعة المخطوف أو هتك عرضه، فيما أشارت إحصائيات وزارة الداخلية، إلى أن حوادث خطف الأطفال التي تم الابلاغ عنها خلال عام واحد وصلت 412 حالة وبمعدل حالة خطف كل 12 ساعة.

وتعد من أشهر حوادث خطف الأطفال أيضًا واقعة خطف الطفل “يوسف” من أمام منزله في قنطرة النعناعية مركز أشمون في محافظة المنوفية، حيث تم اختطافه من أمام منزل جده، وأكد والده أنه لم يتصل به أحد لطلب فدية، ما قد يدل على أن الخاطف استخدم الطفل في التسول.

وأضاف والد الطفل أنه بعد 13 يومًا من اختطافه أجبره الأمن على تحرير محضر غرق بسبب قرب المنزل من النيل، مؤكدًا أن وزير الداخلية علم بخطف ابنه بعد مداخلة هاتفية لأحد البرامج ووعد بإرجاعه لكنه زار مديرية أمن شبين الكوم وغادر المحافظة دون فعل شيء.

وتابع الأب أنه تردد على قسم الشرطة التابع له أكثر من مرة وفي أيام مختلفة لمتابعة حالة خطف ابنه وأثناء تواجده في يوم من الأيام اقترب منه أحد أفراد الشرطة “مخبر”، قائلا: “فيه واحدة اسمها بطة ومعاها عيال كتير شوف ابنك فيهم”، شعر الأب بفرح شديد وتوجه للمكان الذي أخبره به فرد الشرطة على أمل أن يجد طفله وبالفعل وجد أطفالا كثيرين ووجد سيدة تجلس والأطفال يتسولون من حولها، وعند عدم العثور على ابنه سأل السيدة عن ملامحه وهل تعرف مكانه، وسبقها بأنه جاء من طرف فرد الشرطة، فجاءت الإجابة أغرب من السؤال قائلة: “أنا مش بخطف أولاد أنا بخطف بنات بس”، ودلته على أماكن أخرى من الممكن أن يعثر فيها على طفله.

وأشار الوالد إلى أنه ذهب لأماكن كثيرة و7 قرى في منطقة السنبلاوين، لكنه لم يعثر على ابنه.

وطالب الأب القوات الأمنية بشن حملات على تلك المناطق والقبض على المتسولين وإحضار الاطفال ونشر صورهم على الأقسام ومواقع التواصل الاجتماعي، مؤكدًا أن أغلب هؤلاء الأطفال مخطوفون وهناك من يبحث عنهم بالتأكيد.

وفي واقعة أخرى، يروى الدكتور إسلام والد الطفل “مؤمن” حادثة اختطاف ابنه، بأنه كان يلعب أمام المنزل بقرية المصالحة التابعة لمركز شبين الكوم بالمنوفية مع الأطفال الموجودين بالشارع وأقارب لهم، وأن طفلاً قريبًا له دخل المنزل لإحضار طعام وترك مؤمن البالغ من العمر 3 سنين ونصف السنة وحده، ولم يستغرق الأمر أكثر من دقيقتين.

خرج الطبيب من المنزل ولم يجد مؤمن فقط وجد حذاءه ملقى على الأرض، فأخبر المتواجدين بالمنزل بفزع، عدم العثور على مؤمن، وحاول الأهالي البحث عن الطفل وسؤال الجيران، ولكن أحدا منهم لم يكن يعلم شيئًا سوى أن سائق “توك توك” قال إنه “شاهد الطفل مع سيدتين لم يرهما بالمنطقة من قبل”.

تابع والد الطفل المختطف أن الخاطفين “لم يتركوا لى من ابني إلا فردة حذائه، وحررت محضرًا فيقسم الشرطة التابع لمنطقتى”.

وأضاف والد الطفل طالبت بسماع شهادة سائق “التوك توك”، إلا أن قسم الشرطة، وعلى وجه التحديد أحد أمناء الشرطة الذى حرر المحضر أخبرني بأن الخاطفين سيطلبون منى أموالا كفدية خاص وأننى طبيب وكنت عائدا من السعودية وقتها، وقد يكون هذا هو الدافع الأساسى من الخطف.

حاول والد الطفل أن يقنع المتواجدين بالقسم بسماع شهادة السائق، إلا أنهم لم يستمعون له، وانتظر ولكن الانتظار طال ولم يتصل به أحد، بدأ في نشر صور طفله على مواقع التواصل الاجتماعي للبحث عنه، وعرض مكافأة مالية 100 ألف جنيه لمن يدلي عنه أو يعثر عليه، وأتى الإعلان بنتيجة فأخبره أحد المشاركين بالصفحة أنه شاهد نجله بمنطقة شبرا الخيمة يتسول بصحبة آخرين، فتوجه لقسم الشرطة وأخبرهم بما حدث.

استدعت الشرطة سائق التوك توك بعد مرور 28 يومًا من الخطف، كما استدعت خبيرًا لرسم ملامح الخاطفين، وتم توزيع رسم المتهمتين على الأقسام، وتوالت مشاهدات الطفل بمنطقة شبرا الخيمة لدرجة أن أحد الأشخاص صور الطفل بالمنطقة وأرسل الصورة لوالده، وأكد أنها في منطقة شبرا ولكنه لم يستطع تصوير المتسول خوفا على حياته.

دب الأمل من جديد في قلب والد الطفل، وأبلغ الشرطة على أمل مداهمة المنطقة بعد معرفة مكان اختطافه، وعرض الصورة على خبير وجوه للتأكد من أنه طفله، وأفاد الخبير بمطابقة الصورة لطفله، لكن الشرطة حتى هذه اللحظة لم تتحرك.

توجه والد الطفل لمنطقة شبرا الخيمة، وظل يبحث عن طفله وسط المتسولين، ويقول: “فتشت كثيرًا جدًا على مدى أيام في وجوه الأطفال المتسولين، وجلست على المقاهي وفتشت في الحواري والشوارع لعلى أصل إليه دون جدوى، الآن يعيش ابني بين المتسولين والخاطفين وأنا لا أعرف عنه شيئًا”.

وقالت والدة الطفل محمد الباز، إن ابنها تم اختطافه من أمام منزله في الساعة السابعة صباحا منذ خمسة شهور ولم يتصل بهم أي أحد ليطلب فدية أو أي شيء وما يثير العجب في هذه القضية أنه تم حفظ محضر التغيب وتوقفت جميع التحريات.

وفي واقعة أخرى قالت والدة الطفل يوسف العدوي، القاطنة في منطقة فيصل، إن ابنها كان معتادا أن ينزل ليشتري بعض الأشياء من تحت المنزل ولكنه تأخر ولم يعد للمنزل فنزلت والدته للبحث عنه، ولكنها لم ترَ أي أثر له حتى دلها أحد المارة أن امرأة منتقبة أخذته في توك توك وتحركت بعيدا فذهبت الأم مسرعة إلى سائقى التوك توك في الميدان، حيث أظهرت لهم صورة الطفل وحينها قال سائق منهم أنه ركب معه فعلا مع سيدة منتقبة وذهب بهم إلى المكان الذي أوصلها له في مساكن الشروق وطلبت معاونة الشرطة للنزول بمساكن الشروق والبحث عنه، ولكنهم لم يستجيبوا لندائها وحرروا لها محضر تغيب فقط، كما ذكرت أن الاهتمام الأول يكون بأبناء المسؤولين ولا أحد يهتم بأبناء الغلابة.

وفي حالة أخرى أكثر غرابة وانفرادًا من نوعها يظهر الطفل “كامل” في صورة بعد اختطافه منذ أربعة سنين على كرسي متحرك وهو يبكي ويصرخ دون أن يستطيع التحرك لكن بعد الصورة لا يظهر له أي أثر من جديد ما يؤكد وجود مافيا اختطاف الأطفال لاستخدامهم في التسول.

وكانت ملابس الطفل ظهرت على أحد أسطح المتهمين في قضية خطفه وبجانبها جمجمة وبعض العظام ولكن بعد إجراء تحاليل الـDna   تبين أنه ليس ابنها، وظهر الطفل “كامل” يرتدي جلابية بيضاء ورأسه مربوط بشاش إضافة إلى الخرطوم في رقبته وهذا المنظر كثيرًا ما رأيناه، وفي مناطق عديدة سواء بمحطات المترو أو بالشوارع والأنفاق.

ويعد الطفل كامل أكثر الحالات المؤكدة على أن نسبة كبيرة من المتسولين في الشوارع معهم أطفال مخطوفين ودليل قاطع على ضرورة تحرك الشرطة للقبض على جميع المتسولين وأبنائهم وإجراء تحاليل الـ dna  عليهم للتأكد من هويتهم وإعادة المخطوفين إلى أهاليهم.

القاهرة تتصدر قائمة جرائم خطف الأطفال

وأثبتت الإحصائيات الأخيرة، أن محافظة القاهرة هي أكبر المحافظات التي يتعرض لها الأطفال لعمليات الخطف يليها محافظة الجيزة ثم تتدرج الأرقام في الانخفاض للقليوبية وسوهاج والشرقية والإسكندرية، كما أن خط نجدة الطفل تلقى أكثر من مليوني بلاغ منذ إنشائه، والفئة العمرية المهددة بكثرة بالخطف من سن عام وحتى 6 أعوام.

وأكد تقرير صادر عن المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة، أن ظاهرة اختطاف الأطفال تزايدت في الآونة الأخيرة.

ورصدت المؤسسة في الأربعة أشهر الماضية 43 حالة اختطاف أطفال من عمر عام إلى خمسة أعوام، واحتل الريف المرتبة الأعلى في معدل انتشار الظاهرة، لتدني مستوى الخدمات وتفشي الفقر مقارنة بالمدن، وفق نتائج التقرير.

فيما رصد المجلس القومي للأمومة والطفولة عددًا أكبر خلال الربع الأول من العام الحالي، لافتا إلى 125 حالة خطف واتجار بالأطفال وقعت في تلك الفترة.

اقتراحات وحلول جذرية للظاهرة

ومع تزايد حالات اختفاء وخطف الأطفال، لجأت العديد من الأسر إلى مواقع التواصل الاجتماعي لنشر صور أبنائها المختفين، والإعلان عن مبالغ مالية لمن يدلي بمعلومات عنهم.

ودشن نشطاء عددا من المجموعات على موقع فيسبوك لمتابعة الظاهرة ومنها “مشروع الرقم القومي للطفل لمواجهة خطف الأطفال”.

ويطالب مؤسسو المشروع باستخراج بطاقات رقم قومي رسمية لجميع الأطفال أسوة بالمواطنين البالغين، على أن ترفق بها صور والديهم، كما دشن نشطاء حملة مقاومة خطف الأطفال لتسهيل التواصل مع أسر الأبناء المختفي.

«عقوبة خطف الأطفال»

وفي ضوء ذلك سعت الحكومة إلى الحد من عمليات الاختطاف وذلك بسن وتعديل القوانين لتشديد العقوبة على الخاطفين، حيث وافق مجلس الوزراء، على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات رقم 58 لسنة 1937 فيما يتعلق بجرائم خطف الأشخاص بهدف تغليظ العقوبة المقررة على جرائم الخطف، ووضع حد قاطع وحاسم لها في ضوء تزايد معدلات حدوثها في السنوات الأخيرة.

وينص التعديل على تشديد العقوبة على جرائم الخطف لتصل في بعض الحالات إلى السجن المشدد لمدة لا تقل عن 15 سنة ولا تزيد على 20 سنة، ويحكم على فاعل جناية الخطف بالإعدام أو السجن المؤبد إذا اقترنت بها جريمة مواقعة المخطوف أو هتك عرضه.

وأكدت الدكتورة مايسة شوقي، نائب وزير الصحة والسكان، أن المادة 283 من قانون العقوبات المصري رقم 58 لسنة 1937 كانت تعاقب على خطف الطفل حديث العهد بالولادة أو إخفاؤه أو إبداله بأخر إلى عزاه زوراً إلى غير ولادته بالحبس، وإذا لم يثبت أن الطفل ولد حيا تكون العقوبة مدة لا تزيد على سنة، وكانت عقوبة جريمة خطف طفل لم يبلغ سنه اثنتي عشرة سنة – بغير تحايل ولا إكراه – ميلادية بالسجن المشدد مدة لا تقل عن خمس سنوات، ويكون السجن مدة لا تقل عن خمس سنوات إذا كان الطفل المخطوف تجاوز سنه اثنتي عشرة سنة ميلادية، ولم يبلغ ثماني عشرة سنة ميلادية.

ويكون السجن المشدد مدة لا تقل عن عشر سنين إذا كان المخطوف أنثى، ويحكم على فاعل جناية الخطف بالإعدام أو السجن المؤبد إذا إقترنت بها جريمة مواقعة المخطوف أو هتك عرضه وفق نص المادة (289)، والعقوبة كانت في جريمة خطف أنثي بالتحايل أو الإكراه السجن المؤبد، ويحكم بالإعدام إذا اقترنت بها جريمة مواقعة المخطوفة بغير رضائها وفق نص المادة “290”.

كما أشاد المجلس القومي للطفولة والأمومة بموافقة الحكومة على تغليظ عقوبة خطف الأطفال إلى السجن الذي يصل إلى (20) عاماً في الحالات المقترنة بطلب فدية، وذلك بتعديل المواد (283) ـ (289 )، (290) من قانون العقوبات المصري، لتكون هذه العقوبات رادعة لمنع ارتكاب مثل هذه الجرائم الصادمة، والحفاظ على مستقبل أطفال مصر.

من “العدد الورقي”

زر الذهاب إلى الأعلى