مقالات

صمت محير ومريب



فهمى هويدى
فهمى هويدي
 
ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن ثمة اتصالات جارية فى الوقت الراهن لعقد مؤتمر إقليمى برعاية مصرية وتنسيق إسرائيلى يهدف إلى تحسين علاقات إسرائيل مع الدول العربية «المعتدلة» دون حل القضية الفلسطينية. الخبر الخطير نشرته الصحيفة العبرية يوم الجمعة الماضى «16/12» فى سياق تقرير لها عن زيارة سرية إلى واشنطن قام بها رئيس جهاز المخابرات الخارجية «الموساد» يوسى كوهين، بتكليف من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للقاء طاقم الرئيس الأمريكى المنتخب وتبادل الآراء معهم حول خطوات العمل المشترك فى ظل الرئاسة الجديدة.
 
أشار تقرير الصحيفة الإسرائيلية إلى أن وفد الموساد ركز فى مباحثاته على أربعة عناوين رئيسية هى البرنامج النووى الإيرانى والأزمة السورية والقضية الفلسطينية وتهديدات الإرهاب، أما موضوع المؤتمر الإقليمى الذى يجرى الإعداد له من جانب مصر فقد تم التطرق إليه فى سياق إحاطة الإدارة الأمريكية الجديدة بالأوضاع التى تنوى إسرائيل ترتيبها فى الشرق الأوسط.
الخبر قوبل بصمت محير ومريب. فلا القاهرة صدقته أو كذبته، كما أن الحكومة الإسرائيلية لم تعلق عليه بالسلب أو بالإيجاب مع ذلك فثمة قرائن عدة لا تستبعده منها ما يلى:
● ثمة اهتمام مفاجئ من جانب بعض الدول العربية بإحياء المبادرة العربية التى طرحت فى قمة بيروت عام ٢٠٠٢ ثم نسيت بعد ذلك. وجرى الحديث عن إجراء بعض التعديلات بدعوى «تحديثها».
وهو المصطلح الذى استخدم لتفريغها من مضمونها وفتح الباب للتطبيع مع إسرائيل الذى تحدثت عنه المبادرة مقابل الانسحاب الكامل من الأراضى التى احتلتها. و«تصادف» أن تمت فى هذه الأجواء زيارة المسئول السعودى السابق لإسرائيل فى أول بادرة معلنة من نوعها.
● ظهور تجمع إقليمى خارج الجامعة العربية باسم الرباعية العربية ضم مصر والأردن والإمارات والسعودية وهى دول تحتفظ بعلاقات دافئة بدرجة أو أخرى مع إسرائيل، كما أنها تشترك فى الانحياز للقيادى الفلسطينى السابق محمد دحلان الذى ترشحه لخلافة أبومازن من خلال تقديمه بحسبانه زعيما لتيار الإصلاح الفلسطينى.
● أعلن فى شهر سبتمبر الماضى عن أن الرباعية المذكورة أعدت مشروعا للإصلاح الفلسطينى وإنهاء الانقسام داخل حركة فتح بما يسمح بعودة محمد دحلان إلى قيادة الحركة، وذلك إلى جانب مقترحات أخرى، وطبقا لما نشر آنذاك فإن دول الرباعية لوحت لأبومازن بأنه فى حالة رفض مقترحاتها فإنها سوف تتصرف من جانبها لمعالجة المشكلات العالقة بمعزل عنه.
< تواتر إشارات رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو إلى احتفاظه بعلاقات شخصية مع بعض القادة العرب، وحديثه الدائم على مدى العام عن وقوف إسرائيل إلى جانب الدول العربية «المعتدلة» فى مواجهة الإرهاب، وضد تمدد النفوذ الإيرانى فى العالم العربى.
● الحديث الصريح فى بعض الأوساط عن أهمية التحالف الاستراتيجى مع إسرائيل، وهو ما عبر عنه أحد الأكاديميين المصريين المحسوبين على الأجهزة المعنية. ومما له دلالته فى هذا الصدد أن الفكرة ذاتها رددها قبل أيام وزير الدفاع الأمريكى السابق ورئيس الاستخبارات الأمريكية الأسبق ليون بانيتا إذ سئل هذا الأسبوع فى جلسة للمنتدى الاستراتيجى العربى الذى عقد فى دبى عن المنهج الأفضل للتعامل مع إيران فرد قائلا إن التحالف مع إسرائيل سيحسم الأمر ويحل الإشكال.
ليس لدينا ما يقطع بصحة خبر رعاية القاهرة لمؤتمر للتطبيع مع إسرائيل، لكن توجهات الإدارة الأمريكية الجديدة لا تدع مجالا للشك أن العام المقبل سيكون عام إسرائيل، والتجهيزات الجارية الآن لنقل السفارة الأمريكية إلى القدس قد تكون أول الغيث.

 

Print Friendly, PDF & Email
زر الذهاب إلى الأعلى