الكفيل الأمريكى الجديد للخليج



الشاعر كريم عبد السلام
كريم عبد السلام
 
التصريحات الأخيرة لدونالد ترامب، الرئيس الأمريكى المنتخب والكفيل الجديد لدول الخليج، خطيرة وصريحة لحد الوقاحة، فالرجل لا يخفى أطماعه فى أموال الدول الخليجية ولا يتحرج من إعلان ابتزازه لها بصورة يظهر فيها مهاراته التجارية التى اكتسبها من عمله بمجال العقارات طوال عقود، ويعلنها صراحة: «هذه دول غنية وضعيفة وتحيطها المخاطر وتحتاج إلى حماية، فلماذا لا تدفع ثمن حمايتها؟».
 
الرجل يلوم سلفه أوباما على سياساته المغطاة بالدبلوماسية، التى كلفته مليارات الدولارات جراء إرسال قوات أمريكية لمنطقة الخليج ضمن الميزانية الأمريكية، حتى لو كانت هذه القوات تضمن إمدادات النفط للولايات المتحدة وتردع إيران عن التهام الدول العربية المتاخمة لحدودها، فإذا كان جزء من الهدف هو توفير الحماية للدول الخليجية الحليفة فلتدفع هذه الدول تكلفة الحماية وليس دافع الضرائب الأمريكى.
 
لا يتوقف ترامب عن مطالبه بأموال الخليج نظير التأمين والحماية من الخطر الإيرانى الذى تم تضخيمه والتهويل منه، بل يسعى لأن تكون كل سياسات واشنطن فى الشرق الأوسط مدفوعة مسبقا من الخليج، وبالطبع لا دخل لدول الخليج بتصميم واعتماد السياسات الأمريكية فى المنطقة، فهى تتلقاها كالقضاء المستعجل وتحاول خلق دور لها من خلال تقمص دور المنتج المنفذ على الأرض، على أن تتكفل وسائل إعلامها بتحسين الصورة، وإضافة المعنى على ما لا معنى له سوى الدمار الشامل.
 
ومع ذلك، فالنزعة التجارية لدى ترامب تحول كل أرصدة الخليج وصناديقها السيادية إلى رصيد محتمل لتأمين السياسات الأمريكية التى قد تكون حبلى بالمغامرات الباهظة والحروب مرتفعة التكلفة، فهل تستطيع الدول الخليجية مراجعة ترامب فى سياساته أو مناقشته لحلحلته عنها أو التفاوض معه لدفع إتاوة أقل قليلا مما يطلبها؟
 
ماذا يقصد ترامب بتصريحاته التى أطلقها وسط أنصاره بفلوريدا حول بناء مناطق آمنة فى سوريا على حساب دول الخليج؟ هل يقصد مشروعا لإعادة إعمار سوريا التى أنهكتها الحروب؟ هل يقصد مشروعا لإعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم بعد وقف الحرب الدموية هناك بانتصار الدولة السورية وفرض سيادتها على كامل أراضيها؟ هل يقصد تحويل الدعم الخليجى للفصائل الإرهابية وميليشيات الحرب على الأراضى السورية إلى تعويضات على الأرض لمصلحة السوريين المضارين؟ أسئلة عديدة وإجاباتها المحتملة ستكشف توجهات ترامب الجديدة حول واحدة من أعنف الأزمات فى المنطقة، لكنها لن تغير من توجهاته الواضحة للغاية بشأن ثروات الخليج.
زر الذهاب إلى الأعلى