الفراعنة في مونديال روسيا.. “يا رايح  كتر من الفضايح”



                    

خطايا “عصابة أبوريدة”  في الجبلاية و جروزني ياقلبي لا تحزن

زيارة فيفي عبده والهام شاهين وبوسي للاعبين والجهاز الفني.. دقت المسامير في نعش المنتخب

سخافات الشركات الراعية مع محمد صلاح.. وأسرار استيلاء مجلس الجبلاية على مليون و800 ألف دولار

 

تقرير: شيماء محمد ونورهان علي

“يا رايح كتر من الفضايح”.. مثل شعبي مصري دارج ينطبق تماما على الفضيحة الكبيرة التي مني بها المنتخب الوطني لكرة القدم في مونديال روسيا ، المقام حاليا فعالياته، فبعد غياب 28 عاما للمنتخب المصري عن أجواء كأس العالم لكرة القدم ، حصلت الجماهير المصرية على بريق الأمل بعد الأداء القوي للمنتخب أمام أوروجواى فى مستهل مشواره  الفراعنة فى نهائيات مونديال روسيا، على الرغم من خسارته بهدف وحيد فى اللحظات الأخيرة، وارتفع سقف الطموحات لدخول الفراعنة من الباب الواسع إلى التاريخ، ولكن تحطمت الآمال على صخرة الواقع فى 14 دقيقة أمام الدب الروسي، وتلقى شباك الحارس محمد الشناوي ثلاثية غريبة، وودع المنتخب المونديال فى سيناريو دراماتيكي لم يتوقعه أكثر المتشائمين.

منتخب مصر تعرض إلى قرصنة ثلاثية الأبعاد من قبل اتحاد الكرة والشركات الراعية والقنوات الفضائية، أدت إلى الخروج المهين أمام أنظار العالم بعد حلم طال أمده إلى ما يربو على 28 عاما، بفضل فشل الفكر الإدارى الذى أدير به الكرة المصرية على مدار فترة ولايتهم، التى اتسمت بالصراع بين أنفسهم داخل مقر الجبلاية حول تقسيم التركة وتورتة المصالح الشخصية على حساب المصلحة القومية.

أبو ريدة ورجاله.. لم يتمكن أيا منهم فى وضع خطة قصيرة ومتوسطة وطويلة الأجل من أجل صنع جيل يستطيع من خلاله صنع الفارق والتاريخ، على الرغم من وجود نجوم الكرة الثنائي حازم إمام ومجدى عبدالغنى بين صفوفه، فضلا عن الدكتور محمود سعد المدير الفنى للجبلاية وتفرغ رئيس الاتحاد إلى إرضاء الأعضاء ومنحهم أدوارا عبر القنوات الفضائية والظهور فى الاستوديوهات التحليلية.

” المسار”  يرصد خطايا مجلس الجبلاية  وكواليس ومهازل حدثت لبعثة المنتخب في روسيا  أدت إلى سقوط الفراعنة بين جليد روسيا ووداع المونديال مبكرا.

وكانت ضربة البداية في بمسامير دقتها زيارات الفنانين والراقصات ، للاعبي المنتخب في فندق الإقامة الخاص بهم ، بل وأقاموا معهم ، وانشغل اللاعبون والجهاز الفني بالتقاط الصور والسيلفي معهم ، وضاع التركيز ، فكانت الفضيحة الكبرى أمام روسيا بأداء باهت وهزيمة منكرة بثلاثية مقابل هدف وحيد لمحمد صلاح من ضربة جزاء .

وفي الحقيقة فضيحة المنتخب لم تبدأ فقط كواليسها في روسيا وإنما بدأت قبل انطلاق المونديال ، فمنذ تعيين محمود سعد مديرا فنيا للجبلاية لم يلمس الجميع أى تطوير فى المنتخبات القومية بمختلف مسمياتها، ولم يضع نصب عينه سوى الاهتمام بالرخصة التدريبية للمدربين والسفر إلى الخارج لحضور الدورات التدريبية، دون أن يكون له أى إسهام أو اعتراض على قرارات خاطئة يتم اتخاذها من قبل مسئولى الاتحاد.

المدير الفنى للجبلاية ليس من حقه وفقا لقوانين أعضاء الاتحاد، التدخل فى أي أمور فنية خاصة بالمنتخبات الوطنية، ويقتصر دوره على ترشيح السي فى لأى مدرب يرغب مسئولو الاتحاد فى التعاقد معه، والتى غالبا ما يتم تجاهل المعايير الخاصة بها مثلما حدث فى اختيار أسامة حسنى فى الجهاز المعاون لمنتخب الشباب، الذى تم الاستعانة بخدماته استنادا إلى كونه صهر محمود الخطيب رئيس النادى الأهلى، على الرغم من عدم وجود أية خبرات إدارية تؤهله للمنصب.

وشهد عهد سعد فشلا ذريعا فى المنتخبات الوطنية بمختلف المسميات وخروج منتخب 97 بقيادة معتمد جمال من التصفيات المؤهلة لبطولة الأمم الإفريقية ثم الخروج المهين لمنتخب الشباب بقيادة حمادة صدقى من التصفيات المؤهلة لأمم أفريقيا فى النيجر، وأخيرا وداع المنتخب الأول من دور المجموعات فى نهائيات كأس العالم.

مجاملات

نجح مسئولو الجبلاية فى فرض العديد من العناصر على كوبر خلال مشوار الإعداد.. جاء أبرزها عصام الحضرى الحارس الدولى، على الرغم من انتهاء عمره الافتراضي الكروي، وردة فعله البطيئة للزود عن مرماه بحكم فارق السن عن أقرب حراس الفراعنة.

وعلى الرغم من أنه من حق أى مدير فنى اختياره للاعبى المنتخب إلا أن مسئولى الجبلاية تمسكوا فى بعض الأحيان بإشراك لاعبين منتهين الصلاحية الفنية فى مراكز الدفاع والأطراف والهجوم، أبرزهم محمد عبدالشافى وعلى جبر ورمضان صبحى فى ظل وجود قاعدة عريضة من اللاعبين فى 18 ناديا بالدورى الممتاز و72 فى القسم الثانى وغيرهم.

الاستيلاء على مليون و800 ألف دولار

تقدم طارق محمود المحامي بالنقض والدستورية العليا؛ ببلاغ للمستشار ناصر الدهشان المحامي العام الأول لنيابات استئناف الإسكندرية؛ قيد تحت رقم3979 لسنة 2018 بلاغات محامي عام أول؛ ضد رئيس مجلس إدارة الاتحاد المصري لكرة القدم وأعضاء الاتحاد؛ أتهمهم فيه جميعا بإهدار المال العام في واقعة مشروع الهدف، كما اتهم اتحاد الكرة بإهدار المال العام على معسكر المنتخب المصري في جروزني بروسيا؛ مؤكدًا أن اتحاد الكرة تلقى مبلغ مليون و800 ألف دولار من الفيفا، لصرفهم على معسكر اعداد المنتخب الذي شهد مؤخرا مخالفات عديدة، ولم يتم تسجيلها في دفاتر الاتحاد رسميا .

وأكد “محمود” في بلاغه أن وطالب محمود في بلاغه فتح تحقيقات فورية وعاجلة في وقائع البلاغ المقدم؛ كما طالب بإجراء تحريات مكافحة جرائم الأموال العامة، والرقابة الإدارية وضم التصريحات المنسوبة لمجدي عبد الغنى حول وقائع إهدار المال العام في واقعة مشروع الهدف ومعسكر المنتخب في روسيا؛ كما طالب محمود بإحالة المقدم ضدهم البلاغ لمحاكمة جنائية عاجلة، بتهمة إهدار المال العام.

حكم الشركة الراعية

 

ترك مسئولى الجبلاية الحبل على الغارب للشركة الراعية فى التفاوض على خوض المباريات الودية استعدادا للمونديال، التى تأخر حسمها طويلا بخلاف المنتخبات العربية الأخرى مثل السعودية والمغرب وتونس التي وضعت أجندة لقاءاته الودية عقب التعرف على فرق المجموعة الخاصة بها فى كأس العالم.

وشهدت فترة الإعداد خوض 5 مباريات ودية جاءت الحصيلة بها صفر، حيث تلقى الفراعنة الكبار خسارة أمام البرتغال واليونان وبلجيكا، وتعادل مع كولومبيا، وخاض مباراة ودية مجاملة فى اعتزال أحد لاعبي منتخب الكويت، تعادل فيها أيضا بهدف لكل منهما رغم تجميد الكرة الكويتية بتعليمات من الاتحاد الدولى لكرة القدم “فيفا”.

كما شهدت فترة الإعداد استغلال الشركات الراعية فترة التوهج للنجم محمد صلاح، وقامت بوضع صوره على طائرة الفراعنة الكبار إلى جانب منتجات أخرى تسببت فى دخول اللاعب فى أزمة مع الشركات الراعية له، وحدثت مناوشات بين وكيل أعماله ومسئولى الجبلاية.

ولم ينقذ الموقف سوى تدخل الرئيس عبدالفتاح السيسي، الذى أصدر تعليماته حفاظا على اللاعب ومسيرة المنتخب الوطني قبل المشاركة فى المونديال، بإنهاء الأمر وفقا للوائح والقوانين، وضرورة الوصول الى صيغة توافقية تحفظ حقوق الجميع.

 

دور الإعلانات

 

لاعبو الفراعنة الكبار والخواجة كوبر أصبحوا فجأة نجوم الإعلانات، وتصدر نجوم المنتخب شاشات الفضائيات عبر إعلانات الشركات تحت سمع ومرأى مجلس الجبلاية على حساب المنتخب الأول، ما أثار استياء الجميع.

ولم يتضمن عقد الجبلاية وكوبر أي بنود تنص على ممارسة دور فتى الشاشة فى الإعلانات، فضلا عن إقحام لاعبى الفراعنة عبر الشاشات فى مسرحية هزلية ظهرت بوضوح فى شهر رمضان المعظم، نظير ملايين الجنيهات، على حساب الجماهير المصرية التى ارتفع سقف طموحاتها فى الوصول إلى مدى بعيد فى كأس العالم.

وساهم اتحاد الكرة فى إحداث أزمة -بدون لازمة- بعدما أثار أمر تجديد عقد كوبر لاستمراره على سدة القيادة الفنية للمنتخب بعد انتهاء المونديال وقيادة الفراعنة فى مشوار التصفيات المؤهلة لأمم أفريقيا فى الكاميرون 2019.

لم يجد مسئولو الجبلاية أية غضاضة فى إحداث فرقعة إعلامية بشأن تجديد عقد كوبر من عدمه، دون مراعاة استعدادات المنتخب الأول للعرس العالمي إلى أن وصل الأمر إلى تأجيل مناقشة التجديد بعد انتهاء المشاركة فى نهائيات المونديال، ما ساهم فى حالة من التشتت الذهني وعدم التركيز فى فترة الإعداد للفراعنة الكبار.

وشهد مقر الجبلاية أزمة مفتعلة بطلها التحالف ثلاثى الأبعاد بين ابو ريدة وعبدالفتاح واحمد مجاهد، من أجل الإطاحة بمجدى عبدالغني من رئاسة بعثة المنتخب الأول فى روسيا، وتسريب أزمة دخوله فى مشادة مع موظفى مشروع الهدف فى محاولة منهم لإلصاق تهمة السرقة لملابس المنتخب.

فضيحة البلدوزر

البلدوزر تحدى الجميع عقب الإطاحة به من رئاسة البعثة وطار إلى روسيا، متوعدا الجميع بكشف المستور وفتح الملفات عبر مؤتمر صحفى عقب العودة من موسكو ما جعل رئيس الجبلاية يعود إلى الوراء وينهى الأمر سلميا قبل الدخول فى صراع يعلم تماما عواقبه الوخيمة، ويجرى صلحا مع عبدالغنى لإغلاق الملف برمته.

هزات ورقصات وأنغام

لا أحد بمقدوره أن يشكك فى وطنية العناصر التى طارت على متن طائرة تابعة لرعاية الشركات الراعية وغادرت القاهرة متوجهة إلى موسكو لمؤازرة الفراعنة ، وضمت مجموعة من الفنانين والفنانات وأعضاء مجلس النواب فلهم الحق فى تشجيع المنتخب بأى شكل يرونه.

إلا أن الأمر أثار استياء الجماهير المصرية، وأعاد إلى الأذهان سيناريو مباراة الجزائر فى أم درمان بالسودان، نظرا لنزول المجموعة سالفة الذكر فى فندق المنتخب ومحاولاتهم التقاط الصور مع نجوم المنتخب قبل لقاء مصيرى أنام روسيا، يحتاج خلاله الفراعنة الى التركيز وعدم تشتيت الذهن.

كما أن أعضاء الجبلاية تغاضوا عن إصرار كوبر على الطريقة الدفاعية العقيمة بفرمان من الشركة الراعية التى ترى أن الخواجة الأرجنتيني يمكن ترويضه وفقا لمصالحهم خاصة بعدما تأهل المنتخب إلى نهائيات المونديال بعد غياب دام 28 عاما، دون النظر إلى اسم وسمعة مصر الكروية.

وافتقد منتخب مصر للكرة الهجومية، التى اتسم بها المنتخب فى مونديال إيطاليا تحت قيادة الجنرال الراحل محمود الجوهرى، وفى عهد المعلم حسن شحاتة، وتراجعت إلى الأسلوب الدفاعي العقيم دون تطعيمه بالكرة الهجومية، ويبدو أن كوبر لم يستفد على الإطلاق من منتخبات مثل ايسلندا فى طريقتها الدفاعية الحديثة أمام الأرجنتين والمكسيك أمام ألمانيا والمغرب مع البرتغال.

معسكرات فنكوش

شهدت معسكرات الفراعنة خلال فترة الإعداد تواطؤ مسئولي الجبلاية مع الشركات الراعية والقنوات الفضائية وساند أحد أعضاء الاتحاد الرعاة والفضائيات فى إجراء مقابلات مع لاعبى المنتخب فى فرح العمدة دون مراعاة للمهمة القومية بخلاف منتخبات أخرى عربية مثل تونس والمغرب والسعودية.

ما جعل هناك حالة من عدم التركيز بين صفوف لاعبي الفراعنة جراء رضوخ مسئولى الجبلاية الى تعليمات الشركات الراعية وتحكم رأس المال فى الأمر دون مراعاة المصلحة القومية العليا وإسعاد الجماهير المصرية.

من العدد الورقي

زر الذهاب إلى الأعلى