الفساد سبب انهيار المجتمع والدول



 

بقلم الدكتور ياسر جعفر

نعم، الفساد ثم الفساد قلعة لتدمير المجتمعات بل وإسقاط دول ودمار وتشتيت أسر، وقتل وتدمير وإحراق وسفك دماء وأكل أموال الناس بالباطل، وأكل أموال اليتامي، وفتن ليل نهار، أنه الفساد الفيروس القاتل المدمر الذي يأكل الأخضر واليابس والذي يكون سبباً في دمار دول، قال تعالي {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41)الروم.}، أي ظهر الحرق والقحط والآفات وكساد التجارة والغلاء والوباء، وفساد النفوس، كل هذا بسبب ما فعله الناس من جرائم الفساد وآثام ليعاقب الله الناس في الدنيا ببعض أعمالهم لعلهم يرجعون عن المعاصي وفساد أنفسهم.

إن خطورة الفساد أشد جريمة في الوجود مما يسببه من دمار وهلاك المجتمعات والدول، ولما كان هذا الموضوع متسع المجال، واسع المقال أردت أن أتكلم فيه بإيجاذ لنوال المراد وهيكون مجزئاً علي بعض المقالات لما فيه من خطورة علي المجتمعات، إن الحكيم جلت قدرته، وعلت حكمته، أراد أن يظهر، وشاء أن يعرف وهو العلي العظيم، فخلق عالم العلو ليظهر رافعاً وخلق عالم النور ليعرف نوراً هادياً، وخلق الماء ليظهر حياً لطيفاً، وخلق العرش العظيم ليعرف عظيماً، وأوجد الكرسي المحيط ليعرف محيطاً بكل شئ، وخلق عالم السفل ليعرف خافضاً، فالسموات والأرض وما تحتها دلت علي أنه الخافض الباسط، وظهور مافي الجميع دل علي أنه النور الظاهر {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} النور.

وخلق الملائكة والأرواح ليظهر لطيفاً هادئاً قوياً قادراً بديعاً فتاحاً ولياً، كل هذه المخلوقات من أراضي وسموات وما فيها من أرواح عاليات لم تقم بكمال الظهور، وإتمام إشراق شمس الظاهر الغفور {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} الأحزاب. وهنا نبدأ عن الإنسان وظلمه وفساده في الأرض وهذه هتكون مقدمة لجميع مقالات الفساد، وهذه الآية من أخطر آيات القرأن الكريم التي تعد هوية الإنسان هو المخلوق الأول، لذلك أمرت الملائكة أن تسجد له، والإنسان كما قال الأمام علي كرم الله وجهه ركب من عقل وشهوة، بينما ركب الحيوان من شهوة ولا عقل، وركب الملك من عقل دون شهوة، أما الإنسان فركب من كليهما، فإن سما عقله علي شهوته أصبح فوق الملائكة، ومن هنا يعد المؤمن أرقي من الملائكة، أما إذا فسد في الأرض وخان الأمانة وضيعها يعد أسوء مخلوق علي الإطلاق فأي حيوان تحتقره، فالإنسان الكافر أسوء منه والدليل قول الله عز وجل{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ أُولَٰئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ} البينة.

وهنا نقول بإن الإنسان إذا ضيع الأمانة، والأمانة هي جميع ما يخصه في حياته من الأعمال الدينية والدنيوية وإذا خان عمله يكن فاسداً ومن أشر خلق الله.

وسوف نتكلم عن فساد العقارات ومافيا العقارات وتدخل الإنسان فيها بخيانة الأمانة في هذا العمل المليئ بالفساد الذي أنتشر في كل مكان، إن إنتشار الفساد في مافيا العقارات أستشري وكأنه فيرس وبائي مدمر لمناعة المجتمع وهلاك أموال الدول..! كثير ما نسمع بإن هناك عقارات إنهارات في جميع المحافظات وكل هذا بسبب جشع وطمع الإنسان وخيانته لعمله، ليس كان أميناً علي عمله بما يرضي الله وخانته نفسه الإمارة بالسوء وغش في المباني بتقليل نسبة التسليح ونسب البناء والمواصفات الهندسية المطلوبة، والأمر الذي تشيب له الولدان أنه يعلم أنه يغش ويخون الأمانة في عمله ويعلم إن هذا العقار سوف ينهار ويكون سبباً في القتل المتعمد وربما يصل القتل إلي ألاف الأنفس من البشر وللأسف أنه يعلم ذلك جيداً، وكثير ما تميل بعض العقارات”أي تريح الأرض” ويعلم صاحبها أنها مالت العمارة ربما 4سم أو أكثر، وممكن أن يعالجها ببعض الأمور الهندسية بما يسمونه بالستارة أو خوابير التفريغ وهناك عدة طرق هندسية يعلمها أصحاب الخبرة والعلم وللأسف يستخسر أن يقوم بعمل هندسي ويردم حوالين العمارة بالردم”بالشرب الطيني” حتي تهتز العمارة وهناك من النماذج البشرية كثير وذمتهم في هذا العمل سيئة.! والمشكلة أنه لا يرضاها علي أولاده ولا علي نفسه ويرضاها علي الأخرين ويتعمد بقتلهم، ما جزاء هؤلاء؟؟ أترك الإجابة في كتاب الله ثم علي بعض رجال القانون والمتخصصين في القوانين الجنائية، قال تعال{ مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ} المائدة.{وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ۗ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ ۖ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا} الإسراء. {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} النساء.

وقال صلي الله عليه وسلم{إنَّ دِماءَكُم، وأمْوالَكم وأعْراضَكُم حرامٌ عَلَيْكُم كَحُرْمة يومِكُم هَذَا، في شهرِكُمْ هَذَا، في بلَدِكُم هَذَا، ألا هَلْ بلَّغْت} رواه البخاري. فينبغي علي ولاة الأمور والذين مكنهم الله في الأرض أن يضربوا بيداً من حديد لهؤلاء الفاسدين، والذين يعرضون نفوس البشر للخطر بل للموت المتعمد، ويهلكون أموالهم، قال صلي الله عليه وسلم { كل المسلم علي المسلم حرام، دمه، عرضه، وماله}. مافيا العقار فيها من الفساد والدمار والهلاك، يكفيها دمار دول بسبب تجميد الأموال في المباني وعدم بناء المصانع للأيد العاملة، وتكون سبب في البطالة ملايين من الشقق والعمارات علي مستوي الجمهورية لا يوجد فيها سكان بسبب الغلاء والأحتكار وكثرة النصابين، وأوجدت في المجتمع حالة من الرقود بسبب تجميد الأموال في المباني والأقبال عليها ضعيف.. ناهيك عن البيع بالتوكيلات مع العلم إن صاحب العقار وربما يعمل توكيل لابنه أو أخيه، وكل هذا تحايل علي القانون وينبغي علي رجال القانون أن يضعوا حداً لهذا الأمر ومعاقبة هؤلاء معاقبة مشددة بسبب هذا التحايل علي القوانين، ناهيك عن المغالاة في الأراضي والشقق تجد في محافظة شقة 120متر بمبلغ 350 ألف جنيه، وتجد في محافظة أخري نفس المساحة بمبلغ مليون جنيه، ومحافظة أخري 500 ألف جنيه، وهكذا، مع العلم إن الحديد نفس الحديد ومواد البناء كلها واحدة، فتدخل الدولة في هذا الأمر بحسم الأمر جيداً ولا يترك هذا الأمر لأصحاب الفساد، وينبغي علي كل مقاول أو شركات البناء التي تسببت في أذي للبشر أن يدفعوا تعويض لهم علي هذه الخسارات التي لحقت بهم، ناهيك عن طرق أخري كثيرة في هذا المجال، وقد حكم الله سبحانه وتعالي{إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} المائدة. أي عقاب الذين يحاربون الله ورسوله بخروجهم علي نظام الحكم وأحكام الشرع وأحكام القوانين، ويفسدون في الأرض بقطع الطرق أو انتهاب الأموال، أو الغش أو خيانة الأموال والأعمال، وإتخاذ الرشاوي.. إلي هذه سلسلة الفساد العديدة والمتشعبة، جزائهم أن يقتلوا بمن قتلوا، وإن يصلبوا إذا قتلوا وغصبوا المال، وأن تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف إذا قطعوا الطريق وغصبوا الأموال ولم يقتلوا، وإن ينفوا من بلد إلي بلد لأنهم لا يستحقوا العيش في هذا البلد، وإن يحبسوا إذا أخافوا فقط، ذلك العقاب ذل لهم وإهانةة في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم النار، وفي هذه الآية الشريفة ما يدل علي أن الاعتداء علي النفس الواحدة بالقتل اعتداء علي المجتمع وهم يدركون الدعوة عن حق المجتمع يباشرها عنه النائب العام ووكلاؤه أو أية سلطة تقيمها الدولة لهذه الوظيفة في التشريعات الحديثة وهذا هو المقابل لحق الله في التشريع الإسلامي، فالتشريع في هذه المسألة له حق السبق، ومن أحسن إلي فرد بإنقاذ حياته من الهلاك ومن نفوس وأيد المفسدين فقد أحسن إلي المجتمع فالآية اشتملت عليه من معنين تؤكد أن الإسلام يري القواعد في المجتمع الصالح وقواعد التعاون بين الأفراد والمجتمعات هذا كله محافظة علي الأمن والسلام والتعاون بين الأفراد والمجتمعات.

وإلي لقاء موضوع أخر عن الفساد. حفظ الله مصر وجعلها أمن وأمان وحصناً منيعاً لشبكة الفساد، تحيا مصر إلي أبد الآبدين.

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى