إدريس وأبو غُريب فى ضيافة عميد كلية دار العلوم جامعة القاهرة .. تعرف على الاسباب
كتب: عماد جبر
اقامت كلية دار العلوم جامعة القاهرة ندوة تحت عنوان “ حقوق الانسان فى مواجهة الشائعات التى يروجها الاعلام المغرض” بحضور كلا من الدكتور عبد الراضى عبد المحسن عميد الكلية وعضوا مجلس النواب عصام ادريس عن دائرة الحوامدية وابو النمرس وبكر ابو غُريب عن دائرة البدرشين وعماد داوود رئيس مجلس إدارة موقع المصدر الدولى الاخبارى والشاعر خالد عبد العظيم منسق اعلامى الموقع والصحفية ايمان الوراقى بمعهد واشنطن وعدد كبير من طلاب الجامعة
حيث بدء الدكتور عبد الراضى حديثه بتعريف ما هى الشائعات قائلا
الشائعة مصدر أشاع، وشاع الخبر في الناس شيوعا، أي: انتشر وذاع وظهر. والشائعة هي الأخبار التي لا يُعلم من أذاعها. فلو سألت من يتقل الشائعة عن مصدرها سيقول لك قالوا زعموا .والشائعة نشر الأخبار التي ينبغي سترها، لأن فيها إيذاء للناس .
الشائعات كم دمرت من مجتمعات و هدمت من أسر، و فرقت بين أحبة.
الشائعات كم أهدرت من أموال، و ضيعت من أوقات.
الشائعات كم أحزنت من قلوب، و أولعت من أفئدة، و أورثت من حسرة.
الشائعات كم أقلقت من أبرياء، وكم حطمت من عظماء وأشعلت نار الفتنة بين الأصفياء.
الشائعات كم نالت من علماء وعظماء؟! وكم هدّمت الشائعة من وشائج؟! وتسبّبت في جرائم؟!
الشائعات كم أثارت فتناً وبلايا، وحروباً ورزايا، وأذكت نار حروب عالمية، ، وإن الحرب أوّلها كلام، ورب مقالة شرّ أشعلت فتنا، لأن حاقداً ضخّمها ونفخ فيها.
الشائعات كم هزمت من جيوش، وكم أخّرت في سير أقوام
الشائعات ألغام معنوية، وقنابل نفسية، ورصاصات طائشة، تصيب أصحابها في مقتل، وتفعل في عرضها ما لا يفعله العدوّ بمخابراته وطابوره الخامس.
الشائعات والأراجيف تعتبر من أخطر الأسلحة الفتاكة والمدمرة للمجتمعات والأشخاص بل قد تكون مِعْوَل هدم للدين من الداخل أو الخارج، والضرر بالدعوة والدعاة.
وعن خطر الشائعات قال عبد الراضى
هل أتاكم خير ذاك الأب الذي قتل ابنته والسبب شائعة ، هل أتاكم خبر ذاك الزوج الذي طلّق زوجته ودمر بيته والسبب شائعة .
الشائعة تُعمي عن الحق وعن الصراط المستقيم. (فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) [القصص:5]
الشائعة ضررها أشد من ضرر القتل. فالإشاعات من أهم الوسائل المؤدية إلى الفتنة والوقيعة بين الناس ويقول الله تعالى: (وَالْفِتْنَةُ أَشَدّ مِنَ الْقَتْلِ)، (وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ) وإنما كانت الفتنة أشد من القتل لأن القتل يقع على نفس واحدة لها حرمة مصانة أما بالفتنة فيهدم بنيان الحرمة ليس لفرد وإنما لمجتمع بأسره.
الشائعة يطلقها الجبناء ،ويصدقها الأغبياء الذين لا يستخدمون عقولهم .ويستفيد منها الأذكياء .
من جانبة قال النائب عصام ادريس
أياً كانت الأدوار التي تقوم بها وسائل الإعلام في المجتمع، ومهما كانت الوظائف التي تقوم بها، إلا أن الوظيفة الأهم هي الحفاظ على النسيج الاجتماعي من التفتت، سواء كان ذلك عبر الدعوات الطائفية أو الإثنية، إلى جانب الحفاظ على السلم المجتمعي أو تكدير الأمن العام.
ولكي تتمكن وسائل الإعلام من القيام بدورها في الضبط الاجتماعي وتوحيد الجهود المجتمعية، لا بد لها من القضاء على المخاطر التي تهدد هذه الوحدة الاجتماعية والقضاء عليها في مهدها، ومنها الشائعات، وهي التي تسري في المجتمعات مسرى النار في الهشيم، ويتناقلها الأفراد دون أن يدركوا أنهم ضحايا ذلك.
والشائعات مصدرها غالباً ما يكون خارج حدود الوطن، وهدفها الدائم هو زعزعة الثقة بين أبناء الوطن وبث الفرقة والخلاف عبر تأليب بعضهم على بعض بشتى الوسائل، من خلال نشر الفتن وتفكيك وحدة المجتمع، بحيث يصبح ممزقاً وشعباً تضعف معنوياته، فلا مانع من تأليب الفقراء على الأغنياء، أو الشباب على كبار السن، أو العاملين على أصحاب الأعمال وهكذا.
والشائعات في معظمها تأتي عبر الترويج لأخبار مختلقة لا أساس لها من الصحة، ولا شك أنها أحد أساليب الدعاية السوداء والحرب النفسية التي برع هتلر في استخدامها بشكل كبير، إذ يرى أنه كلما كانت الكذبة كبيرة، كان الناس أميل إلى تصديقها، وكلما كانت كلماتها محدودة ومتناسقة، أمكن حفظها وتذكرها وترديدها بسهولة، وقد تعتمد على جزء من الحقيقة يضاف إليها العديد من الأكاذيب، ووزير دعايته جوبلز الذي قال: اكذب ثم اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس.
ولا شك أن طبيعة العملية الاتصالية الحالية، والأدوات المستخدمة، مثل وسائل التواصل الاجتماعي «كالفيس بوك» «وتوتير»، جعلت التواصل بين أفراد المجتمع أسهل وأسرع، لكنها في الوقت ذاته أمطرتنا بمضامين لا يمكن معرفة مصدرها بشكل يقيني، كما أن التأكد من مصداقيتها أصبح محل شك كبير.
كما أن طبيعة استخدام هذه الوسائل التي جعلت عملية الاتصال لا تسير في اتجاه واحد، سمحت للمستقبل أن يتجاوز مرحلة الاستقبال للمشاركة، وهو ما يزيد من انتشار الشائعة، لأن الأفراد بطبيعتهم الإنسانية يرون المضامين من خلال خلفياتهم الثقافية والمعرفية وخبراتهم، كما أنها يضيفون إليها من ذواتهم، وهو ما يؤجج من الشائعات، وجعل مصداقية تلك الوسائل على المحك، ما جعل من وسائل الإعلام الرسمية المرجع للتأكد من صحة ما ينشر لدى شريحة كبيرة من المتابعين.
كما أن الشائعة لا تعتمد على نقل الأخبار المغلوطة فقط، ولكن التعليق على الأخبار الصحيحة، والتعليق بشكل يجافي الحقيقة أيضاً، وهو شكل من أشكال نشر الأكاذيب، وهو ما يسمى بتلوين الخبر الذي لا يستطيع أن يدركه عامة الناس.
كما أن التنافس الشديد بين وسائل الإعلام، ورغبة كل وسيلة في الحصول على السبق الإعلامي، جعلاها تتنازل عن عنصر مهم من عناصر الخبر وهو المصداقية، وهنا تصبح الوسيلة ذاتها عاملاً من عوامل نشر الشائعات، وقد يهوّن البعض من ذلك اعتماداً على إتاحة حق الرد والتصحيح.
غير أن ذلك لا يكفي بعد أن تكون خصوصية الأفراد قد انتهكت، وسمعتهم قد أثيرت حولها الشبهات، وامتد الضرر إلى الأبناء والأقارب والأصهار، في مجتمعات يعتبر فيها تقدير الأفراد الأدبي والاجتماعي أهم ما يحرص عليه بطبيعة عاداتنا وتقاليدنا العربية والإسلامية، من هنا وجب على وسائل الإعلام تحري الدقة، وأن تتحمل مسؤوليتها الاجتماعية في جعل التحري عن صحة ما ينشر أهم من السبق في النشر أو الإذاعة.
ومن أهم آليات مواجهة الشائعات إتاحة المعلومة الصحيحة، لأن غياب المعلومة يهيئ البيئة الخصبة لانتشار الشائعة، لذا فإن إتاحة المعلومة تقطع عليها الطريق، كما يجب على وسائل الإعلام ألا تعمل بسياسة رد الفعل، لتظل تلهث وراء ما يتم نشره وتصحيحه، عبر ما يسمى بسياسة إطفاء الحرائق.
بل يجب أن تقوم هي بالمبادرة بنشر المعلومة الصحيحة، وهو ما يبني -عبر الأداء التراكمي- جداراً من الثقة بينها وبين جمهورها، ومرجعاً عندما يختلط الحابل بالنابل وتلتبس الأمور ويعلو الضجيج، وهو ما يساعدها على الحفاظ على مكانتها.
كما أن الدور الأهم لوسائل الإعلام الوطنية يأتي من خلال زيادة وعي الجمهور وبنائه ثقافياً، فالوعي هو العنصر الفاعل في مواجهة الشائعات، وهو الذي يجعل الجمهور قادراً على التمييز والانتقاء من بين ما يتعرض له من عشرات الأحداث اليومية، والوعي يأتي من خلال المبادرة في تناول القضايا التي تهم الجمهور، حتى تستطيع الحفاظ عليه.
ولا يجد لديه الحاجة إلى اللجوء إلى غيرها، في زمن تكسرت فيه الجدران الإعلامية، وانفتحت الفضاءات على مصراعيها، لذلك فإن البناء الثقافي المتين للفرد هو الحصن المنيع الذي يحول دون تلقي أية معلومة وتصديقها وتداولها دون النظر فيها والتأكد من مصدرها.
على الجانب الآخر، يجب تفعيل دور الصفحات والمواقع الإلكترونية للمؤسسات الرسمية والدوائر المختلفة -باعتبارها شكلاً من أشكال الإعلام الجديد- في مواجهة الشائعات، من خلال عرض الحقائق المتعلقة بمختلف القضايا على جمهورها، سواء كان الخارجي، وهم المتعاملون معها والمعنيون بنشاطها، أو الجمهور الداخلي، وهم العاملون بها.
ولأن إعداد الشائعات وترويجها أصبحا عملية معقدة، يقوم عليها خبراء في الدعاية والحرب النفسية وعلم النفس، وتعمل على استخدام أوتار محددة بحسب المجتمع الذي توجه إليه، يجب على وسائل الإعلام وضع استراتيجيات تتفرع عنها خطط استباقية مرنة قادرة على التعامل مع الشائعات والقضاء عليها في مهدها، والله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم: «بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ».
وقال النائب بكر ابو غريب
إن نشر الإشاعات سلاح خطير يفتك بالأمة ويفرّق أهلها، ويسيء ظن بعضهم ببعض، ويفضي إلى عدم الثقة بينهم، وأسرع الأمم تصديقًا للإشاعات هي الأمم الجاهلة الفاشلة، بسذاجتها تصدّق ما يقال، وتردد الأخبار الكاذبة دون تمحيص ولا تفنيد، وأما الأمم الواعية فلا تلتفت إلى الإشاعات، وتكون مدركة لأحابيل وألاعيب المنافقين وأعداء الإسلام، فلا يؤثر على مسيرتها، ولا يهزّ أعصابها.ولذلك مطلوب منا دائمًا ولا سيما في هذه الظروف الحرجة أن نكون يدًا واحدة، أعوانًا على الخير، وأعوانًا على البر والتقوى، يكمل بعضنا نقص بعض، ويعين بعضنا بعضًا، نسعى في جمع الكلمة، ونسعى في وحدة الصف، ونسعى في لمّ الشمل.
وعن حكم الإسلام في الشائعة ومروّجها قال ابو غُريب
الإسلام يحرم إشاعة أسرار المسلمين وأمورهم الداخلية مما يمس أمنهم واستقرارهم، حتى لا يعلم الأعداء مواضع الضعف فيهم فيستغلوها، أو قوتهم فيتحصنوا منهم.
الإسلام يحرم إشاعة ما يمس أعراض الناس وأسرارهم الخاصة، قال الله تعالى في محكم التنزيل: (إنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ) [النور:19]. هذا هو الحكم الأخروي، وبالنسبة للحكم المترتب على الشائعة الكاذبة فهو حد القذف إن توفرت شروطه، وإلا فالتعزير. قال تعالى: ( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ ) [النور:4]..وقال تعالى: ( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً ) [الأحزاب:58]