الدين والصحة
بقلم الدكتور/ ياسر جعفر
إن الدين الإسلامي دين له علاقة وطيدة وصلة ظاهرة بالصحة في الإسلام، ولقد جمع القرآن الكريم من الحكم والآيات البينات ما يدهش اللب ويحير العقل فبينما يتحدث إليك عن عجائب السموات ويلفت نظرك إلي ما أبدعه الله من المخلوقات فإذا به يستدرك للبحث في مسائل طبية ويتغلغل بك في العلوم الصحية، فبينما تري المتقدمين كانوا يمرون علي كثير مما جاء في الكتاب المبين مرور الكرام، إذا بنا نري اليوم أن الطب الحديث يكشف الستار عن هذه المكونات ويرفع النقاب عن هذه المعجزات التي هي اليوم أسس قام عليها علم الصحة في الطب الحديث، وليس في تحريم الخمر وتحريم الميتة والدم ولحم الخنزير الآيات كبري لقوم يتفكرون، فقد كشف العلماء حديثاً ما تؤثره الخمر في الجسم، حيث يتسبب عنها أمراض عديدة منها تلف في الجهاز العصبي، التهاب الغدد الصماء، تلف ودمار الكبد، حالة من القلق والتوتر وقد يصل الأمر إلي الهلع، الشعور بالغثيان، الدوخة والارتعاش، ارتفاع ضغط الدم واضطرابات في عدد ضربات القلب، العرق الزائد، وأيضاً كشف العلم الحديث عن أضرار أكل لحم الخنزير منها، إصابة الجسم بالأمراض الفيروسية نتيجة الطفيليات التي يتغذي عليها الخنزير، فهذه الطفيليات لا تموت عندما يتم طهي اللحم مهما كانت درجة الحرارة وتظهر هذه الأمراض علي شكل القئ والإسهال والحمي والجفاف وتشنج البطن، الإصابة بالأمراض الناتجة عن دودة الخنزير وهي التي تنتقل إلي الإنسان عندما يتناول اللحم، وهذه الدودة تنمو في أمعاء الإنسان ويزداد حجمها وتستطيع التكاثر، وقد تنتقل من مكان لأخر من خلال القناة الهضمية وتصل إلي الدم وتهاجم الأنسجة العضلية، وتسبب الضرر للقلب والرئتين والمخ.
كما أن دودة “تريكانيلا” الشعرية الحلزونية الموجودة فيه تؤدي إلي الإصابة بشلل النخاغ الشوكي وظهور طفح جلدي، إصابة القلب والشرايين بالأمراض نتيجة ارتفاع الكولسترول الضار في الدم بسبب تناول لحم الخنزير الذي حذر منه الله في القرآن الكريم الدستور التشريعي لكافة التوجيهات في جميع نواحي الحياة، كما أن نسبة الدهون الكبيرة في هذه اللحوم تزيد من عوامل الخطر علي القلب والشرايين، إصابة الجسم بالتهابات في الأعصاب والمفاصل والكليتين والرئتين ومرض السحايا، زيادة الوزن بشكل كبير نتيجة ارتفاع نسبة الدهون الضارة المشبعة، وهذا يسبب الضرر للقلب وأجزاء الجسم المختلفة، الإصابة بمرض سرطان المثانة، فقد أثبتت الدراسات أن لحم الخنزير المطبوخ علي درجات حرارة عالية من شأنه تكوين بعض مركبات الأمين الحلقية غير المتجانسة وهي المسئولة عن زيادة خطر الإصابة بسرطان المثانة قال تعالي{إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ} البقرة آية 173.
القرآن تشريع حياة في جميع المجالات التي تفيد البشرية جمعاء وينور الطريق المظلم الذي يكون سبباً في هلاك البشرية، وهل قامت الطهارة وفرضت الصلاة وتقرر الصيام إلا علي أسس صحية وفوائد طبية، وفضلاً عن أنها عبادات ففيها تغذية للأبدان بما تكسبه للجسم من نشاط ووقاية من الأمراض، وفي الصوم معقل للتقشف وحصن منيع للوقاية من كثير من الأمراض، بل يكاد يكون العلاج الوحيد لبعض الأمراض الخطيرة والمزمنة التي تدمر خلايا الجسم وأعضاء الجسم كأمراض القلب والشرايين والجلطات والشلل، وانسداد الشرايين، وتدمير عضلة القلب، فالصيام عبادة ووقاية طبية رائعة وأقوي مطهر للجسم من سمومه وفضلاته، فضلاً عن أنه يقوي الإرادة ويزيد في النشاط وفي الصبر علي تحمل المشاق، والطب الحديث يؤيد ما جاء في الحديث الشريف{ المعدة بيت الداء والحمية رأس الدواء} بل ينطبق انطباقاً كلياً علي القواعد الحديثة في العلاج، فالحمية هي دعامة إنجاح العلاج، يطابق ذلك أحدث الأبحاث الطبية، ويقول(ص) {ما ملأ ابن آدم وعاء شراً من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لابد فاعلاً فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفس} وللأسف كثير من الناس يأكل ويمتلئ البطن علي أخره ويقول مش قادر أتنفس، وبعد ذالك يطلب الإسعاف وإلي المستشفي، عندك روشتة رائعة جميلة تشمل جميع الصحة ظاهرها وباطنها، نفذها وأنت لا تعرف للأطباء طريق، وأعلم أن شر وعاء تملئه هو وعاء المعدة، كما تقرر علمياً أن الأجسام البشرية إذا لم يراع في تغذيتها الاعتدال واختيار ما يناسبها من المواد فسدت أعضاؤها وتعبت شرايينها وسببت لها أعراضاً ثقيلة من الألم وضعف الذاكرة كما قرر العلماء أن الأنسان متي وصل إلي هذه الحالة أو بعضها كان أحوج ما يكون إلي الإمساك عن الطعام أياماً متوالية بل أسابيع لطرد هذه المواد الداخلية علي الجسم، أو علي الأقل أتباع نظام خاص في نوع الأكل ومنه وهو المعروف بالريجيم هذا الذي أثبته الطب قديماً وحديثاً في علاج كثير من الأمراض بالصوم والإقلال من الطعام هو الذي أثبتته الأحاديث السابقة كما أثبته من قبل القرآن الكريم فهل لقوم أن يرجعوا إلي رشدهم ويستمعوا إلي تعاليم دينهم وسنة نبيهم (ص) حتي لا يصدق عليهم قول الله تعالي{فَمَالِ هَٰؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا} ولو تصفحنا صفحات القرآن لوجدنا فيها الخير الكثير للبشرية جمعاء في جميع مجالات الحياة، قال تعالي{ا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا} ولو نظرت في صفحات سورة الكهف لنجد قوله تعالي في ظاهرة صحية عظيمة{فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَىٰ طَعَامًا فَلْيَأْتِكُم بِرِزْقٍ مِّنْهُ} وقال تعالي{فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلَىٰ طَعَامِهِ} في سورة عبس.
قال رسول الله (ص){نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة، والفراغ} رواه أبو نعيم في حيلية الأولياء عن عبد الله بن عباس.
وإلي هنا أكتفي بهذا القدر… وانتظرونا في العدد القادم أن شاء الله