حادث محطة مصر.. «أشلاء متناثرة وجثث متفحمة» (صور)



تقرير: محمد جودة

 

استيقظ المصريين صباح اليوم الأربعاء، على حادثة أليمة جديدة أكثر مأساوية، ومشاهد أشد قسوة من سابقيها، توضح مدى الرعب الذي عايشه ضحايا حادث قطار محطة مصر قبل أن تتناثر الأشلاء وتتفحم جثثهم، وتختلط بحطام القطار المتبعثرة على جنبات السكك الحديدية.

 

وفي الوقت الذي يحذر فيه الخبراء المستمرة، والكوارث المتكررة التي حصدت أرواح المئات، لم تزل دماء المصريين تنزف على القضبان والعنوان دائمًا.. «كوارث القطارات».

 

25 متوفيًا وأكثر من 40 مصابًا هي الحصيلة الأولية، لحادث اندلاع حريق بمحطة مصر، بعد أن اصطدم قطار بأحد الأرصفة، ما أدى إلى انفجاره وتفحمه.

 

كثيرة هي الدماء على القضبان، وقليلة هي التدخلات الحكومية لوقف هذا النزيف المستمر، فمصر واحدة من أكثر الدول التي شهدت حوادث قطارات دامية خلال العقود الأخيرة.

 

 

سنوات طويلة تكرر فيها المشهد ذاته، بنفس كارثيته وفجاعته، فمن قطار أسوان في 1997، مرورا بقطاري الإسكندرية في 1998، و1999، والعياط في 2002، والشرقية 2006، والمنصورة 2006، والفيوم 2012، والبدرشين 2013، والبحيرة 2018.. نزفت دماء عشرات المئات من القتلى والجرحى.. ولازالت تنزف بـرمسيس في 2019.

 

دائمًا ما يرجع مسؤولون ومراقبون تلك الحوادث إلى قدم القاطرات والعربات والإهمال في صيانتها وتشغيلها.

 

 

وبعد كل كارثة يجدد خبراء النقل الإشكاليات التي تواجه سكك حديد مصر، والتي دائمًا ما تكون بسبب تهالك البينة الأساسية وضعف العامل التكنولوجي، إضافة إلى عدم انضباط العامل البشري.

 

حادث قطار محطة مصر

ويقول الخبراء إن المنظومة تحتاج إلى تطوير شامل للقضبان ووضع نظم أمان عالية الجودة، وإصلاح البنية التحتية للسكك الحديد والفلنكات والإشارات والتراك، فضلا عن منظومة الإشارات التي يجب تغييرها لتكون كهربية وليست ميكانيكية.

 

ويشير الخبراء إلى أن مرفق السكك الحديدية “منهار تماما”، وأي عملية إصلاح ستكون بلا جدوى، لذلك يحتاج إلى سبل جديدة لإنهاء تلك الحوادث المتكررة.

 

بدأ الحادث في تمام الساعة 9:30 صباحاً، عندما خرج أحد القطارات عن القضبان، ليصطدم بـ «كافتيريا المحطة» قبل أن ينفجر ويحدث حريقاً كبيراً، يلتهم كل من كان في المنطقة.

 

 

في ذلك الوقت كانت الموظفة سارة حسن تحتسي قهوتها، وهي لا تزال جالسة على أحد المقاهي المجاورة للمحطة، غير قادرة على الذهاب إلى عملها في إحدى الشركات بمنطقة الدقي من هول ما شاهدته.

 

تقول الفتاة والدموع تنهمر من عينيها: «الجثث متفحمة، والنار تشتعل في أشخاص آخرون يركضون وهم يصرخون من شدة الألم».

 

تضيف الفتاة التي كانت تتحدث بصعوبة من الصدمة: «النار كانت في كل اتجاه، هربنا ونجونا منها بصعوبة، أول مرة في حياتي أرى جثث وكمان متفحمة».

 

كانت سارة تستقل القطار رقم 902، من محل سكنها في مدينة طنطا (80 كيلومتراً شمال القاهرة) الذي تصادف وصوله مع وقوع الحادث.

 

 

وفي هذه الأثناء، كان المهندس أحمد عبدالحليم  يقف في طابور طويل ليحجز تذكرة قطار إلى الإسكندرية قبل أن يسمع الانفجار الضخم. وقال عبدالحليم: «لم أسمع في حياتي انفجاراً بهذا الحجم، المشهد كان مرعباً جداً». وروى عبدالحليم أن الجميع انفضّ من الطابور للاحتماء من مصدر الصوت المجهول قبل أن يخرج وآخرون بحثاً عن مصدره. وشاهد عبدالحليم الآثار الأولى للحادث خصوصاً الجثث والأمتعة المحترقة. وكانت هيئة السكة الحديد قالت إن «جراراً اصطدم صباح الأربعاء بأحد أرصفة محطة سكك حديد مصر وسط القاهرة في حادث أسفر عن سقوط بعض الضحايا والمصابين». أما التلفزيون المصري فأكد مقتل ما لا يقل عن 20 شخصاً وإصابة آخرين، نقلوا إلى عدد من المستشفيات المجاورة للمحطة.

 

قبل أن يصله أي خبر عن حادث قطار في مصر، ترجّل المهندس محمد عبدالعزيز من القطار المكيف رقم 902 القادم من الإسكندرية على رصيف رقم 3، في محطة مصر وسط القاهرة في حدود الساعة التاسعة ونصف صباحاً، ليسمع صوت «انحدار سريع» قادم من أحد الأرصفة المجاورة أتبعه صوت «انفجار شديد». تساءل محمد (33 عاماً) مع باقي الركاب السائرين إلى جواره عن ماهية الصوت، لكن لم يكن يعلم أحدهم، ليتفاجأوا جميعاً بـ»موجة لهب» قادمة نحوهم بعدما ساروا نحو مقدمة الرصيف. «تدافع الجميع وسط حالة من الرعب الصراخ، الكل يحاول النجاة»، يقول المهندس الشاب لـ»عربي بوست»، مضيفاً: «جرينا جميعنا نحو نهاية الرصيف للابتعاد عن موجة اللهب».

 

يستقل محمد القطار يومياً من محطة بنها (40 كيلومتراً) شمال القاهرة، للذهاب إلى شركته في حي المعادي جنوبي القاهرة، لكنه «أول مرة يرى حادث قطار بهذا الحجم». يوضح محمد أن «بقايا الزيت والشحم (مشتقات نفطية) الموجودة بكثرة على القضبان وفي أسقف المحطة بشكل طبيعي. ساهمت في تزايد ألسنة اللهب». وتابع المهندس الشاب حديثه وهو يحاول أن يتمالك أعصابه رغم مرور ساعتين على الحادث: «نزلنا من نهاية رصيف 3، واتجهنا نحو رصيف رقم 1 البعيد عن الحادث، لنخرج خارج المحطة».

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى