أحذروا فساد العقول
بقلم/ دكتور ياسر جعفر
نعم أن أخطر أنواع الفساد علي الإطلاق، هذا النوع قد يكون سبباً في هلاك دول وممكن أن يكون سبباً في خراب بيوت، وقد يكون سبباً في انهيار أسر، وقد يكون سبباً في تشتيت عقول، نعم فساد العقول أحذروه في بيوتكم، أحذروه في المجتمع، أحذروه مع زملائكم، أحذروه مع أصدقائكم، أحذروه في كل مكان، فينبغي علي الإنسان أن يحذر هؤلاء المفسدين في عقولهم وتفكيرهم، ويبدأ هذا الفساد من البيوت وينتشر في المجتمع لينخر فيه ويدمره وكأنه خلايا سرطانية تدمر أعضاء الجسم وكأنه فيروس نشط يهتك ويفتك بأعضاء الجسم، نعم أنه سرطان خطير، ولذلك حذرنا الشرع من الفساد، ودعا القرآن الكريم إلي إطلاق العقول من آسرها ودفعها للتأمل في ملكوت السموات والأرض واستعمالها في مختلف شئون الحياة، كما حث علي الاستغلال الأمثل لها وتنميتها وأن لا يحجر عليها بالتعصب والتقليد، والخرافات والفساد الفكري وتلوث العقول بالفكر المتشرد، قال تعالي{أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ} وقد بعث الله عز وجل سيدنا محمد (ص) بالرسالة الخاتمة ليخرج الناس من ظلمات الجهل والجور والشرك والغي إلي أنوار العلم والعدل والتوحيد والرشد، وكان العالم قبل البعثة المحمدية وفي زمنها غارقاً في بحر تلك الظلمات وفي مقدمتها ظلمة الجهل التي تستتبع باقي الظلمات، فكان من الطبيعي والمنطقي أن يكون شعار الدين الخاتم” أقرأ” وإن يكون إعلاء شأن العقل والتفكير والعلم وطلبه وتعليمه أول المبادئ لترقي معراج الكمال الإنساني الذي جاء به الإسلام، فاستخدام العقل يفرق الإنسان بين الصالح والفاسد، بين النافع والضار، بين الحق والباطل، وتعطله تتلبس عليه الأمور ويفقد هذا التمييز وبطلب العلم يدرك حقائق الأشياء، ودلائلها علي عظمة وقدرة الله وصفات الكمال والجلال والجمال التي هي واجبة لمبدع الكون وخالق الموجودات فإذا لم يطلب الإنسان العلم بقي في ظلمات الجهل لا يعرف الحقائق ولا الدلائل ولا ما جاءت به الرسل ولا مقاصد الشرائع، فضلاً عن جهله بالعلوم الأخري التي تزيده نوراً وتبين له طريق السعادة في الدنيا والآخرة، وللأسف الشديد إن أصحاب العقول الفاسدة يحبطك عن تكملة رسالتك للعلم فتجد طلبة الجامعات وأصحاب الفكر السيئ شخص يقول لزميله أو زميلة تقول لزميلتها ليه بتكملي دراسات عليا سيبك من دا أنتي أخرك تقعدي في البيت، وكأنها خادمة وللأسف الأهل يساعدوا علي ذلك بمقولة الجهل والفساد الفكري الأسود المرعب إن البنت مالها إلا بيتها يعني خادمة تجلس في البيت وتلغي عقلها نهائياً ولا من حقها تكمل تعليم وتأخذ فرصتها التي ممكن أن تأهلها إلي منصب يخدم الإسلام والمسلمين ولو علي الأقل تخدم نفسها، وكما نري في المجتمع نماذج من هؤلاء أصحاب الفكر الأسود والعقل المظلم، بعد الانتهاء من الدراسة البنت أتجوزت عريس المستقبل شهر أو شهرين تجد المشاكل وأخرتها البنت تروح تجلس عند أمها بسبب الفكر السيئ المسرطن، وكله في الأخر يجي علي دماغ الأولاد، والجتمع أكبر شاهد علي ذلك مشاكل لا تحصي بسبب هذه الأفكار المسمومة مع العلم أن القرآن أعطي المرأة حقها مساويه كالرجل، أنظر إلي هذه الأيات {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} وقوله تعالي {إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ} وقوله تعالي {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} صدق الله العظيم، أحذروا فساد العقول والفكر المسرطن المحبط، وتجد زميل يقول لزميله ليه تكمل دراسات عليا ياعم سيبك أنت شايف الظروف وشايف مفيش وظائف ومفيش شغل وكله بالوسطة يخلي زميله يروح يشتغل في ورشة خردة، يشتغل سائق بعد ما كان عنده أمل في أنه يكون إنسان مرموقاً في المجتمع بالماجستير أو الدكتوراه يقوم بإحباط زميله بسبب فكر أسود ملوث، إن العلم هو السبب في بناء المجتمعات وبناء الدول ومن هنا يتضح جلياً “ليس كل عمل فكري أو تصويري أو فني أو سلوكي يصدر من الإنسان يسهم في الحضارة الإنسانية وإنما ذلك العمل وحدة الذي يصدر من الإنسان ممثلاً لخصيصة من الخصائص الإنسانية ويتميز به الإنسان لأنه إنسان هو الذي يكون أو ينهي الحضارة البشرية، فالعمل الفكري الرقيق والتصور الرفيع والفن في صورته العالية والسلوك في رشده واستقامته هو أساس الحضارة الإنسانية والعامل في نموها أو تدمها لأنه في كل منها يتجلي جهد الإنسان وتتجلي إرادته كما يبدو فيه أن الإنسان ذو فاعلية خرج من التأثر وأضحي مؤثراً، مؤثراً بفكره وبتصوره وبفنه وبسلوكه في التعبير والتوجيه معاً، والتوجيه والتعبير عندئذ له صلاحية تتجاوز الدوائر التي وجد ونشأ فيها المفكر والفنان أو صاحب السلوك الإنساني، والمقصود بالفنان أي الفنان الذي يبدع في رسم معبر عن حضارة عن شئ مبهر، وليس المقصود بالفنان الذي يقوم بعمل مسلسلات لأن هذا من الفكر المفسد والمسرطن للمجتمع، نعم إن المسلسلات التي ينفق عليها الملايين لكي تفسد العقول وينبغي علي الإنسان أن يتجنب هذا الفكر الصهيوني الذي يلوث ويفسد عقول البشر، أغلبية الأعلام ينبغي تجنبه نهائياً لأنه من الفكر المفسد والمسرطن لعقول البشر، إن الإسلام في عقيدته وشريعته يبلغ الأمثلة نظاماً يقوم عليه المجتمع الإنساني فتتخلص به البشرية من بوائقها، وتربو عليه الحياة وتسعد متي تنتهي أمرها المقدور في رحلة الحياة وإذا كان هذا العصر الذي نعيشه يتميز بأنه عصر ” الأيدلوجية ” تلك الكلمة التي فتنت الألباب وأسرت العواطف وعدها المثقفون فتحاً جديداً في أفاق الفكر الأجتماعي والسياسي فإن الإسلام منذ قامت دولته وبرز إلي الوجود مجتمعه يحتوي المضمون الأصيل للايدلوجية التي تقوم عناصرها علي أرسخ القواعد وأذكاها فلا تهتز علي جيل من الأجيال في المسيرة الحثيثة لبني الإنسان علي طريق الحياة، وطبيعة البناء الإسلامي للدولة يبداً من ربط الإنسان بحقيقة الحقائق ثم يتناول الإنسان في كيانه الذاتي المتكامل وما يرتبط به هذا الكيان وما ينبثق منه سلوك وعلاقات فردية أو أسرية أو جماعية ويستوعب شموله نواحي الاجتماع والاقتصاد والسياسة، فينبغي علينا تجنب أصحاب الفكر المفسد في جميع نواحي الحياة في نحذرهم في المدارس والجامعات وفي جميع المصالح الحكومية والخاصة وجميع الشركات، وينبغي علي المسئولين أن ينظروا إلي مناهج التعليم من المرحلة الابتدائية إلي الثانوية وأن يتجنبوا الأفكار المسمومة والمشبوهة وأن يضعوا مناهج ترشد إلي الفكر الرائد وان يتجنبوا الحشو الفكري الذي يفسد عقول التلاميذ والطلبة، فينبغي علي البشر أن يلجئوا للدين في جميع أمورهم فالتدين حاجة من حاجات البشر بل ضرورة من ضروراتهم لا يسعد لهم حال إلا بإشراب نفوسهم حب الدين واطمئنان قلوبهم إليه واقتناعهم بأنه سعادة لهم في دنياهم وذخر لهم في أخرتهم، ولو أنك وزانت بين رجل له دين وأخر لا دين له لرأيت الفرق بين الرجلين عظيماً فالرجل الذي له دين يسعد بدينه ويسعد أمته ويفكر تفكير رائد، والرجل الذي لا دين له يشقي نفسه ويشقي أمته ويلوث ويفسد المجتمع بفكره الأسود.
وإلي هنا أكتفي بهذا القدر.