هل القدرة المالية لـ «حماس» تتحمل الاستمرار في حرب غزة ضد جيش الاحتلال؟
بينما تواصل إسرائيل التأكيد على هدفها المعلن في غزة بالقضاء على حركة حماس بشكل نهائي، يشير تحليل لمجلة “الإيكونوميست” إلى أن تحقيق ذلك “إلى الأبد” لا يقتصر على العمليات العسكرية على الأرض فحسب، بل يتطلب “تفكيك القاعدة المالية للحركة”، وهي التي تشكل ركيزة لنشاطها في داخل القطاع وخارجه.
لدى حماس ثلاثة مصادر للقوة، وفق المجلة الأميركية: قوتها المادية داخل غزة، ومدى وصول أفكارها ودخلها، وتوضح أن “الإمبراطورية المالية لحماس المجهزة بغاسلي الأمول وشركات التعدين وأشياء كثيرة أخرى تدر أكثر من مليار دولار سنويا”.
وبعد أن تمت رسم وصياغة هذه الإمبراطورية “بشق الأنفس” لتجنب العقوبات الغربية قد يكون الأمر بعيد المنال بالنسبة لإسرائيل وحلفائها، ووجدت “الإيكونوميست” أن “تزايد ثراء حماس على الرغم من الحرب سيكون بمثابة كارثة لإسرائيل”.
وتركز إسرائيل منذ أكثر من شهر في قطاع غزة على قدرة حماس العسكرية وحجم الضرر الذي استهدف نشاطها في أعقاب الحرب، دون أن تعلن عن أي استراتيجية تفكيك تتعلق بأصول وشبكات الحركة المالية، والتي لطالما سلطت تقارير غربية الضوء عليها.
ويشير تحليل المجلة إلى أن “إمبراطورية حماس” تتركز قواعدها في البلدان الصديقة بالخارج، وأنها “تغطي دخل الحركة من كل شيء وجانب، بدءا من رواتب المعلمين ووصولا إلى الصواريخ”.
“تبدو حماس محصنة بالرصاص ماليا”، كما تقول المجلة الأميركية، وحتى الآن لم تلحق إسرائيل ضررا يذكر بدخلها أو مدخراتها.
كيف تحصل حماس على الموارد؟
كانت الحركة تحصل على نحو 360 مليون دولار سنويا من ضرائب الاستيراد على البضائع التي يتم جلبها إلى غزة من الضفة الغربية أو مصر، لكن هذا المسار كان الأسهل على إسرائيل عندما كانت تريد مراقبته أو خنقه.
وبعد انسحابها من القطاع في عام 2005، فرضت إسرائيل قيودا صارمة على حركة البضائع والأشخاص عبر الحدود، وفي الوقت الحالي تمنع معظم الضروريات الأساسية من الدخول إلى القطاع المحاصر.
ومع ذلك، يأتي مصدر دخل أكبر بكثير من الخارج، كما تشير “الإيكونوميست”، ويعتقد المسؤولون الإسرائيليون أنه يصل إلى حوالي 750 مليون دولار سنويا، مما يجعله المصدر الرئيسي لتمويل مخزون حماس الحالي من الأسلحة والوقود.
البعض من المخزون يأتي من حكومات صديقة، وأكبرها إيران، وتعتقد أميركا أن طهران 100 مليون دولار للجماعات الإسلامية الفلسطينية، على شكل مساعدات عسكرية بشكل رئيسي.
وتتلخص مهمة ممولي حماس في نقل هذه الأموال من دون الوقوع فريسة للعقوبات الأميركية، ولاسيما أن الشهر الماضي وحده شهد فرض ثلاث جولات من القيود على أشخاص وشركات، بسبب ضلوعها في عمليات التمويل.
ويتطلب التهرب من العقوبات الأميركية “بعض البراعة”، وهو ما تقوم به الحركة عن طريق الشبكة المالية التي لا تتركز في دولة دون غيرها، بل تمتد لعدة دول في الشرق الأوسط، وتختلف أساليب الحصول على الموارد فيها أيضا.
توصلت “الإيكونوميست” إلى أن الدولارات تتدفق إلى حماس من خلال أسواق العملات المشفرة، ومن خلال جمعيات خيرية وشركات واستثمارات قسم منها في تركيا وآخر في إيران، وفي دول الخليج أيضا.
وجاء في تقريرها أن النظام المصرفي التركي يساعد الحركة على تفادي العقوبات الأميركية من خلال إجراء معاملات معقدة في جميع أنحاء العالم، وهو الأمر الذي نفته أنقرة في أوقات سابقة.
ومع ذلك اتهمت إسرائيل وأميركا العديد من أكبر البنوك التركية، بما في ذلك البنك “كويت تورك” بتخزين أموال حماس عن عمد، وفي عام 2021، وضعت فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية وهي هيئة رقابية تابعة لمجموعة السبع تركيا على “القائمة الرمادية” للدول التي لا تفعل الكثير لتجميد أصول الإرهابيين.
قابلة للحياة
وتوضح غاليا ليندنشتراوس وهي باحثة في معهد “دراسات الأمن القومي” بجامعة تل أبيب أنه بالإضافة إلى “الضرائب” في قطاع غزة والتمويل الذي تحصل عليه حماس من إيران “هناك مخططات مستمرة لغسل الأموال”.
وعندما يكون هناك أيضا تحويل مادي للأموال (إما نقدا أو عن طريق المنتجات المدفوعة مسبقا) فيتم ذلك عدة مرات عبر لبنان وتركيا، كما تقول ليندنشتراوس لموقع “الحرة”.
ورغم أن التهريب عبر الأنفاق انخفض من مصر منذ عام 2013 لم يتم القضاء على ذلك بشكل كامل.
وتضيف الباحثة أن إسرائيل تعرف وتعي حجم الإمبراطورية المالية لحماس، ولذلك “هي جزء من الصراع العالمي في غسيل الأموال، وفي المقابل تحاول حرمان نجاح الحركة من عمليات التهريب المختلفة”.