إعدام القاضي وشريكه في جريمة قتل المذيعة
قررت محكمة النقض، إيداع حيثيات حكمها بتأييد إعدام القاضي أيمن حجاج، وشريكه حسين الغرابلي، لإدانتهما بقتل المذيعة شيماء جمال زوجة القاضي.
ورفضت محكمة النقض برئاسة المستشار وليد حسن حمزة، وعضوية المستشارين وائل شوقي، وهاني مختار، وطارق مصطفى، وتامر محمود، موضوع طعن المتهمين على حكم الجنايات الصادر بإعدامهما، لإدانتهما بالقتل العمد مع سبق الإصرار والترصد.
وأكدت محكمة النقض، في حيثيات حكمها إن محكمة الجنايات أقامت قضائها على ما اقتنعت به من أدلة ترتد إلى أصل صحيح في الأوراق، واستخلصت في منطق سائغ صحة إسناد الاتهام إلى الطاعنين، وكان قضاؤها في هذا الشأن مبنياً على عقيدة استقرت في وجدانها عن جزم ويقين، ولم يكن حكمها مؤسساً على الظن والاحتمال حسبما يرى المتهمان الطاعنان.
وجاء رد محكمة النقض على ما أثاره المتهم الأول، بأن الواقعة مجرد ضرب أفضى إلى موت، مؤكدة أن حكم الجنايات كشف عن توافر ظرف سبق الإصرار، وساق لإثباته من الدلائل والقرائن ما يكفي لتحققه طبقاً للقانون ويحق مساءلة الطاعنين عنه.
وقالت أن الحكم أثبت تصميم الطاعنين على قتل المجني عليها، ودلل على اتفاق الطاعنين على قتل المجني عليها، من معيتهما في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهما، وصدور الجريمة عن باعث واحد، واتجاههما وجهة واحدة في تنفيذها، وأن كلا منهما قَصَدَ الآخر في إيقاعها، بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه، ومن ثم يصح طبقاً للمادة 39 من قانون العقوبات اعتبار كل من الطاعنين فاعلاً أصلياً في جريمة القتل العمد التي وقعت تنفيذاً لذلك التصميم أو هذا الاتفاق.
وأضافت محكمة النقض، إن لمحكمة الجنايات السلطة المطلقة في الأخذ باعتراف المتهمين، وليست مُلزمة بنص الاعتراف وظاهره، بل لها أن تجزئه، وأن تستنبط منه الحقيقة.
وأوضحت أن التناقض بين اعترافات المتهمين -بفرض قيامه- لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الاعترافات استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه.
وأكدت محكمة النقض، إلى أنه لا وجه لما أثاره الطاعن الأول من توافر حالة الدفاع الشرعي عن النفس، لافتة إلى أن حكم الجنايات قد طرح أٌقوال المتهم في هذا الشأن بأسباب سائغة تؤدي إلى ما انتهى إليه من توافر سبق الإصرار والإصرار.
وذكرت محكمة النقض، أن محكمة الجنايات اطمأنت -في نطاق سلطتها التقديرية- إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة، وحصّلت تلك الأقوال بما لا تناقض فيه.
وأشارت إلى أن ما يثيره الطاعن الثاني من منازعة حول التصوير الذي أخذت به المحكمة للواقعة أو من استدلالها بتلك الأقوال أو محاولة تجريحها، والقول بعدم معقولية تصور الواقعة، وتناقض أقوال الشهود، محض جدل موضوعي في تقدير الدليل الذي تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب، ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وأكدت محكمة النقض، إن العبارات التي ساقها الدفاع أمام الجنايات في هذا المساق جاءت مُرسلة لا تحمل معنى الدفع بامتناع المسئولية الجنائية للمرض العقلي أو الاضطراب النفسي الذي يجب إبداؤه في عبارة صريحة تشتمل على بيان المراد منه.
وتابعت أنه بغض النظر عن أنه بفرض صحة إبداء الدفاع بالمرض النفسي للطاعن الأول إلا أنه قد تم دحضه -على ما يبين من محضر جلسة المحاكمة- إذ طلب الطاعن الأول ومدافعه سماع أقواله، فسمحت له المحكمة.
وقالت إنه “قتل المجني عليها بكامل قواه العقلية، وأنه يعرف الفرق بين القتل العمد وغير العمد، وأنه سليم ورفض إيداعه أي مستشفى نفسي “.
وأضافت، أن الطاعن لم يذكر في التحقيقات أنه يعاني من ثمة أمراض عقلية أو نفسية رغم حضور محام معه، وبالتالي تكون مسئوليته كاملة عما وقع من أفعال وقتل المجني عليها، ومن ثم فإن نعي الطاعن الأول لا يعدو أن يكون قولاً مرسلاً لا يرتد إلى أصل صحيح في الأوراق، وبات ما يثار عن الاضطراب النفسي والمرض العقلي للطاعن الأول عاريًا من دليل يظاهره، بل إن واقع الحال يناهضه، ومن ثم يضحى النعي في هذا الشأن ظاهر البطلان، ولا يعيب الحكم إذ هو دان الطاعن الأول على سند من الأدلة السائغة التي أوردها دون أن يرد على هذا الدفاع على استقلال لظهور بطلانه بعد أن ثبتت سلامة قوى الطاعن العقلية والنفسية على ما سلف توضيحه.
وحول الدفع ببطلان استجواب الطاعن الثاني بتحقيقات النيابة العامة لعدم حضور محام معه، قالت النقض، إن حكم الجنايات أورد رداً كافياً وسائغاً بقوله إن “المحقق قد اتصل هاتفياً بمحامي المتهم فأفاد بتواجده بمؤتمر إعلامي، فأعاد الاتصال به فقرر أنه في طريقه لحضور التحقيق، وقد حضر بالفعل، وانسحب من الحضور لدى اعتراف المتهم، ثم عاد مرة أخرى وتناوب مع محام آخر، كما أن الواقعة بحالتها الراهنة تحمل من الأدلة التي يخشى عليها من الضياع، مما يستلزم السير في إجراءاتها على وجه السرعة”.
وأشارت محكمة النقض، أن البين من مطالعة المفردات المضمومة أن الطاعن الأول أخطر المحقق باسم محاميه وتم الاتصال به هاتفياً مرتين دون استجابة، وأثبت المحقق في محضره تعذر إحضار مدافع عنه لكون يوم التحقيق إجازة رسمية وغلق نقابة المحامين، ثم تواصل مع محام آخر حضر التحقيق مع الطاعن الأول عقب إدلائه بإقراره، واستمر معه حتى انتهاء استجوابه، حيث طلب الإفراج عنه.
وأكدت محكمة النقض، أنه لا تثريب على النيابة، إن هي استمرت في استجواب الطاعنين ولا يُعتبر المحقق قد أخطأ في الإجراءات، إذ أنه غير ملزم بانتظار حضور المحامي أو تأجيل الاستجواب لحضوره، والقول بغير ذلك فيه تعطيل للنيابة العامة عن أداء وظيفتها انتظاراً للمحامي الذي يتراخى في الحضور.
ووجهت النيابة العامة للمتهمين في القضية رقم ۱۰۲۲۹ لسنة ۲۰۲۲ مركز البدرشين أنهما قتلا المجني عليها شيماء جمال سيد فهمي، عمداً مع سبق الإصرار، بأن عقدا العزم وبيتا النية على إزهاق روحها إزاء تهديدها زوجها المتهم الأول بإفشاء أسرارهما، فأضمر في نفسه التخلص منها، وعرض على المتهم الثاني معاونته فقبل نظير مبلغ مالي وعده به القاضي زوجة المجني عليها.
وكشفت التحقيقات، أن المتهمين وضعا لذلك مخططاً، حيث اتفقا فيه على استئجار مزرعة نائية لقتل المجني عليها بها، وإخفاء جثمانها بحفرة فيها، واشتريا لذلك أدوات لحفر قبرها وأعدا مسدساً وسلاسل حديدية، وقطعة قماشية ومادة حارقة لقتلها وشل مقاومتها ونقل جثمانها وتشويه معالم الجثة.
وأكدت التحقيقات، أنه في اليوم الذي حدده المتهمان لتنفيذ مخططهما استدرجها الأول إلى المزرعة بدعوى معاينتها لشرائها، بينما كان الثاني في انتظاره بها كمخططهما، ولما ظفرا بها باغتها الأول بضربات على رأسها بمقبض المسدس فأفقدها اتزانها وأسقطها أرضاً وجثم مطبقاً عليها بيديه وبقطعة قماشية حتى كتم أنفاسها وفارقت الحياة.
أما المتهم الثاني فقد أمسك بها معه لشل مقاومتها حتى أيقنا وفاتها، محدثين بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية التي أودت بحياتها، ثم غلا جثمانها بالقيود والسلاسل وسلكاه إلى القبر الذي أعداه وسكبا عليه المادة الحارقة لتشويه معالم جثتها.