تصريحاته بإلغاء مجانية التعليم تضعه في مأزق.. طارق شوقي في مرمى نيران أولياء الأمور



 

شوقي: لابد من مناقشة مجانية التعليم.. وأولياء الأمور: “سيب المدارس القديمة للفقراء والجديدة خليها بفلوس”

 

تقرير: مروان محمد

أثارت تصريحات وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى الدكتور طارق شوقى، حول إلغاء مجانية التعليم، الكثير من الجدال، علي صفحات أولياء الأمور ورواد مواقع التواصل الاجتماعي بين مؤيد ومعارض والتى أعلنها خلال جلسة داخل مجلس النواب، حيث قال إن مجانية التعليم لابد من فتح نقاشها مرة أخرى، لأن ما يحدث فيها عبارة عن ( ظلم اجتماعي وليس عدل اجتماعي).

فيما جاء رد أولياء الأمور ورواد مواقع التواصل علي تصريحات الوزير بين مؤيد ومعارض، حيث وجه له إبراهيم علي، أحد أولياء الأمور  سؤالا لوزير التعليم : “وأنت بتتكلم عن إلغاء مجانية التعليم، هل فيه ضمانة لتقديم تعليم محترم فعلا، ولإنهاء ظاهرة الدروس الخصوصية، ولا هاينتهي الموضوع لإلغاء مجانية التعليم وشكرا”.

وفي ذات السياق، انتقد علي حسين، حديث الدكتور علي عبدالعال رئيس مجلس النواب، عن مجانية التعليم، مؤكدا وقوفه إلى جانب وزير التعليم الذي طالب بإلغائها، رغم أنها موجودة نصًّا في الدستور، وأضاف مش معقول إن طالب كلية الطب الحكومية بيدفع 360ج، أنا مش عارف مدى صحة المعلومة دي، لكن اللي عيشته مع أولادي يؤكد إنه مفيش حاجة اسمها مجانية”.

وهاجمت الكاتبة مي عزام وزير التعليم ، قائلة : الوزير بيعارض مجانية التعليم بحجه أن الشعب قادر وبيصرف في كل حاجة إلا التعليم ولا يريد أن يدفع للحكومة، عن أي شعب يتكلم؟ ومن أين تنفق الحكومة على عربية حضرتك وحراسة حضرتك ومكافآت حضرتك وحضرته وحضراتكم، العيشة اللي انتم فيها ومحاسبيكم من يدفع فاتورتها وعيشتنا من المسؤول عنها”.

فيما ذهب المؤيدون لإلغائها إلى تقديم اقتراحات لمعالجة المشكلة دون المساس بالفقراء فكتب علي حماد: ما قل ودل مجانية التعليم لا يجب المساس بها في مرحلة التعليم الأساسي، وإلا فإنه الغباء والجهل أن يحرم الفقراء من التعليم. وتستمر مجانية التعليم في مراحل التعليم الأخرى للمتفوقين دراسيا بغض النظر عن قدراتهم المالية؛ وذلك تشجيعا لهم على الاستمرار في تفوقهم. أما الفقراء الفاشلون تعليميا فلا يجب دعمهم”.

فيما اقترح أحد رواد مواصل التواصل الاجتماعي حلا لمشكلة التعليم حيث قال: “أنا أقولك الحل إيه.. كل المدارس الجديدة اللي هاتتعمل تتسمّى اسم لوحدها ويتطبق فيها المنظومةا لجديدة للدكتور  طارق شوقي، وتبقى بفلوس تغطي تكلفة تعليم محترم والمدرس فيها ياخد مرتب محترم، والمدارس القديمة اتركوها كما هي للمواطنين الغير قادرين ماديا”.

ومن جانبه، قال الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم، إن التشاور حول اقتصاديات التعليم ضروري ومنطقي وموضوع ينبغي بحثه في حوار مجتمعي.

وأضاف شوقي عبر حسابه بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” ردًا على الجدل الذي أثارته تصريحات في مجلس النواب أمس السبت، أنه لم يطلب إلغاء الاستحقاق الدستوري على الإطلاق والخاص بمجانية التعليم.

واستطرد: “إنما دعونا السادة النواب لدراسة هذا الواقع المخالف للدستور ودراسة اقتصاديات التعليم كيف سنواجه التكلفة الباهظة الآن وفي المستقبل بحلول أفضل لاستغلال ما ننفقه على التعليم حتى نحقق عدالة اجتماعية حقيقية وجودة أعلى للتعليم المصري”.

ورأى أن “المجانية المنصوص عليها في الدستور لم تتحقق، كما كان مستهدفا بدليل تكلفة التعليم الباهظة من دروس وكتب خارجية والتي يشكو منها الفقير والغني على حد سواء” وفق قوله.

وأكد شوقي، أن التعليم أصبح مكلفا وليس مجانيًا، كل ما نقرره هنا أن الواقع الحالي لا يحقق المجانية المنشودة ولا يحقق العدالة الاجتماعية أيضاً ولا حقق جودة التعليم- على حد وصفه.

ودعا شوقي، لمواجهة الواقع بالدراسة والبحث.

وتنشر “المسار” مراحل  تطور التعليم المجاني

مجانية التعليم مرت بمراحل عديدة، بداية من عصر محمد على، مرورا بالحقبة الملكية، إلى عهد الرئيس الأسبق جمال عبدالناصر، الذى عمم مجانية التعليم على كل المراحل بما فيها التعليم الجامعى.

ويعتبر محمد على باشا، مؤسس مصر الحديثة، أول من أنشأ وأسس، نظاما للتعليم الحديث فى مصر، ضمن طموحاته لتأسيس دولته، فى بداية القرن التاسع عشر، حيث كان التعليم مقتصرا على الكتاتيب أو المساجد والجامع الأزهر، ولم تتجل مسئولية الدولة إلا مع بداية عام ١٨٢٠ ميلادية، فى عهد محمد علي، ومع اهتمامه بالتعليم، كانت مجانية التعليم فى ذلك الوقت مقتصرة على قلة من الأعيان.

وكان «الأزهر الشريف» يقوم بتعليم الفقراء والقادمين من الشعوب الإسلامية، ووجه محمد علي، جزءًا كبيرًا من جهوده إلى إحياء العلوم والآداب فى مصر، عبر نشر المدارس على اختلاف درجاتها، وإرسال البعثات العلمية إلى أوروبا، وقد اتبع فى هذا السبيل تلك الفكرة التى اتبعها فى إنشاء الجيش والأسطول، فى أنه اقتبس النظم الأوروبية الحديثة فى نشر لواء العلوم والمعرفة، فأسس المدارس الحديثة، وأخذ من الحضارة الأوروبية خير ما أنتجته العلوم والقرائح، فنهض بالأفكار والعلوم فى مصر نهضة كبرى كانت أساس تقدم مصر العلمى الحديث.

وعنى محمد على بنشر التعليم على اختلاف درجاته من عال إلى ثانوى إلى ابتدائي، ويتبين من مقارنة تاريخ المنشآت العلمية، أنه عنى أولا بتأسيس المدارس العالية وإيفاد البعثات، ثم وجه نظره إلى التعليم الابتدائي، لأن الأمم إنما تنهض أولا بالتعليم العالى الذى هو أساس النهضة العلمية.

واهتم كذلك بنشر التعليم على اختلاف درجاته من عال إلى ثانوى إلى ابتدائي، بنظام «الهرم المقلوب»، وفى عهد محمد على ونجله إسماعيل، كان التعليم بالمجان وداخليا، فى جميع المدارس.

وفى عام ١٨٨٢ مع بداية الاحتلال الإنجليزى، عملت قوات الاحتلال على نفى العقول المبدعة من مصر، ومحوها نهائيًا وإبادتها، كى لا تقوم لمصر قائمة على مدار ٧٤ عاما تقريبا، حتى حدث الحلم المنتظر فى ١٨ يونيو ١٩٥٦، بجلاء آخر جندى إنجليزى من البلاد، حيث عمل الإنجليز على إلغاء المجانية وزيادة مصروفات المدارس الثانوية، واقتصر القبول بالمدارس على أبناء القادرين، الذين يستطيعون دفع المصروفات، وبات التعليم للخاصة وليس للعامة، ومن ثم أصبح التعليم الثانوى والعالى، مقصورا على طبقة اجتماعية معينة، بعدما كانت الكفاءة والاستعداد الشخصى، هما المعيار لاختيار التلاميذ فى المدارس قبل عهد الاحتلال البريطانى.

ويعتبر دستور ١٩٢٣، هو أول قانون لإقرار مجانية التعليم فى مصر خلال «الحقبة الملكية»، ما بين أعوام ١٩٢٣ وحتى ١٩٥٣، وعقب صدور تصريح ٢٨ فبراير ١٩٢٢ الذى اعترف بمصر دولة مستقلة ذات سيادة، تم وضع دستور جديد للبلاد صدر فى ١٩ أبريل عام ١٩٢٣ ليحل محل القانون النظامى رقم ٢٩ لسنة ١٩١٣، ووضعته لجنة مكونة من ٣٠ عضوا ضمت ممثلين للأحزاب السياسية والزعامات الشعبية وقادة الحركة الوطنية، وقد زعم تلك اللجنة عبدالخالق ثروت.

ويعتبر «دستور ١٩٢٣» أول دستور مصرى، يكفل حق التعليم، بما يمثل انطلاقة حقيقية لمسئولية الدولة وتطورها فى شئون التعليم، تضمن مادة عن التعليم الأولى، حيث تقول المادة ١٩ من القانون «التعليم الأولى إلزامى للمصريين بنين وبنات، وهو مجانى فى المكاتب العامة»، التى بدأت الدولة فى إنشائها مجانيا، وظل باقى التعليم التجهيزى والجامعى بمصروفات، ولعدد محدود من أبناء كبار الملاك الزراعيين والتجار وكبار موظفى الحكومة، ولكن لم تنفذ المجانية بالشكل الحرفى لنص القانون وكان يوجد بعض من التمييز.

ومع تولى عميد الأدب العربي، الدكتور طه حسين، وزارة التعليم فى ١٢ يناير ١٩٥٠، أصدر قرارا فى ١٩٥١، بمجانية التعليم الثانوى، اتساقا مع فكرة أن التعليم متاحا ومشاعا كالماء والهواء، حيث اتسم فكر «عميد الأدب العربي» باهتمامه الخاص بالتعليم وحرصه فى الوصول إلى جميع المواطنين.

ومع قيام ثورة ١٩٥٢، أعرب الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، بأن التعليم حق للمصريين جميعا، تكفله الدولة بإنشاء مختلف المدارس والمؤسسات الثقافية، وبأن الدول تشرف على التعليم العام فى جميع مراحله المختلفة بمدارس الدولة بالمجان.

حتى جاء عام ١٩٦١، وأعلن «ناصر» الثورة التعليمية الحقيقية، بإتاحة التعليم الجامعى بالمجان، كحق من حقوق المواطنة، وأتت تعديلات الدستور فى مارس ١٩٦٦، مؤكدة على مجانية التعليم، ونصت المادة ٣٩ على أن: «إشراف الدولة على مراحله المختلفة فى مدارس الدولة وجامعاتها بالمجان»، وما زالت المجانية حتى الآن.

جاء ذلك خلال مشاركه الوزير في اجتماع لجنة المشروعات الصغيرة والمتوسطة في مجلس النواب، برئاسة محمد كمال مرعي، والذي تابع فيه، أن الفصول التي بها أكثر من 100 طالب ليست كثيرة، مشيرا إلى أن الوزارة تعمل على أن يكون أقصى عدد في الفصول 70 طالبا.

من العدد الورقي

زر الذهاب إلى الأعلى