فساد الزراعة
بقلم/ الدكتور ياسر جعفر
تحدثنا في مقالات سابقة عن عدة أنواع من الفساد أخرها فساد الصناعات بسبب الخردة التي دخلت في صناعات كتير فخربتها فخربت جميع الأجهزة الكهربائية من تكيفات وثلاجات وسخانات ومرواح وبتوجازات حتي في السيارات تجد علي الطريق عدة سيارات جديدة واقفة علي الطريق بسبب الحرارة اللي في موتور السيارة حتي وصلت إلي أن نشب الحريق فيها بسبب تدخل الخردة في الصناعة ناهيك إنك تركب عفشة السيارات وبعد يومين تتلف كل هذا بسبب تدخل الخردة التي من الطبيعي أن تعدم، ونحن في صدد هذا المقال مقال فساد الزراعة وما أدراك ما فساد الزراعة يحتاج إلي مجلدات حتي تنتهي وتأخذ راحتك في المقال، لأن مجال الفساد في الزراعة كبير وممتد ومتشعب في كثير من الفروع حتي وصل فساده إلي الصحة بسبب المبيدات المسرطنة وبسبب فساد زراعة الصوب التي دمرت الصحة وتسببت في خلل في الهرمونات وجهاز المناعة وكانت سبباً في أمراض مناعية كثيرة احتارت فيها الأطباء مع العلم إن الزراعة من الأعمال التي شرفها القرآن الكريم بسبب أهميتها، ولابد أن نستشهد بالقرآن في جميع المقالات لأن المقالة التي لا يدخل فيها القرآن فهي مقالة ضعيفة، ويجب أن يكون القرآن الكريم يتدخل في جميع حياتنا وفي جميع مصالحنا ويطبق في كل شئ حتي يسود الخير والمنفعة علي الجميع، ليس من تشريف العمل قدر ما شرف القرآن الكريم الزراعة وليس من تكريم العالم قدر ما كرم القرآن العظيم علماء علوم الزراعة وما يلحق بها وما ينفرغ عنها، أو يعتمد عليها، فالقرآن الكريم يقرر أن الزراعة من عمل الله جل شأنه فالإنسان يحرث الأرض ويلقي الحب فيزرعه الرب سبحانه وتعالي وذلك بنص قوله الحكيم {أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ (63) أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} ويحرص القرآن الكريم في مختلف آياته الكريمة الشريفة التي أوردت الزرع والنبات علي التأكيد أن الله جل شأنه لا غيره، هو الذي ينبته ولا سواه تبارك وتعالي وذلك بمثل القول الحكيم من النص الكريم {وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُّتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ ۗ انظُرُوا إِلَىٰ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكُمْ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} والزراعة تعتبر أروع الآيات وأوضح الشاهدات وأقرب الدلالات علي ما يفرضه الدين من عقائد وأصول، فهي تدل علي وجود الله ووحدانيته، فالله وحده لا غير ولا شريك له هو الذي خلق السماوات وأنزل منها الماء، وخلق الأرض وأنبت فيها بالماء الزرع والنبات التي لا يمكن لغير الله أن ينبتها وهو أمر لا شك فيه ولا خلاف عليه، ولا جدال عنه، لأنه مشاهد من كل إنسان في أي مكان وكل زمان وفي ذلك يقول الحق سبحانه وتعالي أصدق القائلين {أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا ۗ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ} كما أنه تشير إلي بعض قدرته في الخلق وحكمته في التقدير وعظمته في التدبير إذا يقول النص الكريم {وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ} أهمية علم الزراعة أهمية كبيرة ولا يستغني عنها جميع الكائنات وكثير من المخلوقات تتغذي عليها منها الإنسان والحيوان والطيور …إلخ من كافة المخلوقات ولشدة أهميتها إن الزراعة كانت بالجنة إذا يقول الحق جل شأنه لأدم وزوجه {وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ} وهذا أوضح الأمر واستقر الرأي إذا أول عمل قام به الإنسان في الحنة هو الأكل من الشجر وهذا أستلزم منه جميع الثمار وحصاد النبات، والأنتقاء والاختيار ليأكل مما أحل الله له، وهي من عمليات الزراعة والفلاحة ولذلك و بذلك فإن عمل علم للإنسان منذ أول خلقه في الجنة هو الزراعة، ولكن أفسد الإنسان عالم الزراعة بجشعه وطمعه واستغلاله، تدخل الإنسان ودمر وأفسد الزراعة وجعل من الزراعة مبيداً يقضي علي البشر وتسبب في انتشار الأمراض ودمار للصحة، نعم الإنسان كان سبباً بطمعه وجشعه وفساده في القضاء علي الصحة بتلوث الزراعة، علي الرغم من أهمية المبيدات وصعوبة الاستغناء عنها من المنظور الاقتصادي حيث تحمي المحاصيل الزراعية خاصة الغذائية من خطر التعرض للحشرات والآفات التي تسبب للمزارعين خسائر مادية فادحة إلا أن التأثير السلبي لهذه المبيدات علي النباتات وصحة الإنسان والحيوان كان له بالغ الأثر في إعادة النظر في استخدام المبيدات فليس العاملين في مجال المبيدات وحدهم المعرضين لبقايا المبيدات، فالمواطن العادي معرض لأن يدخل جسمه بقايا أكثر من مبيدات في اليوم الواحد مع الأخذ في الاعتبار أن هناك أكثر من 40 ألف مبيد تجاري “600 مركب كميائي” وبذلك هناك ملايين التوافيق والتباديل لأنواع المبيدات التي يمكن أن تتفاعل مع بعضها داخل جسم الإنسان، وقد وضعت منظمة الصحة العالمية حدود قصوي مسموح بها لكل مبيد في كل نوع من أنواع الغذاء لأن هناك حدود يتحملها جسم الإنسان دون أن تظهر عليه مشاكل صحية ملموسة ولكنها لم تضع حدود أما أن لمخاليط المبيدات وهو ما يسمي بالتسمم المختلط، ناهيك عن مافيا الاستيلاء علي الأراضي الزراعية وبعقود مضروبة ومفبركة مع ضباع الأنس.
وإلي هنا أكتفي بهذا القدر.