أقباط سيناء.. صور حزينة لوجوه شوهها الإرهاب
تقرير- حمدى هويدى/
صور حزينة ترويها عدسات المصورين أمام الكنيسة الإنجليلية بالإسماعيلية ، المشاهد لأقباط متجمعين الخوف يعلو وجوههم والتعب ينهش أجسادهم،حاملين ما استطاعوا من حقائبهم ومن أطفالهم،وفى إنتظار إيواءهم في شقق وغرف بحثاً عن قسط من الراحة بعد أكثر من 20 ساعة من الخوف والترقب.
ونزحت قرابة 55 أسرة من أقباط محافظة شمال سيناء ويستمرون في التوافد الآن، وفق مصادر كنسية بالمحافظة.
يذكر أن عملية نزوج الأقباط جاء بعد حوادث قتل سبعة أقباط في المدينة على يد مسلحين مجهولين على مدار الأسابيع الثلاثة الماضية.
وكانت الواقعة الأخيرة يوم الخميس الماضي، عندما قُتل قبطي داخل منزله في مدينة العريش أمام أسرته التي فرت من المنزل قبل أن يحرقه المهاجمون.
تهجير الأقباط:
وفقاً لمجموعة بحوث بحقوق الإنسان ، توجد 8 حالات قتل لأقباط بشمال سيناء بدأت منذ 30 يناير حتى الآن.
وأصدرت الكنيستان الإنجيلية والأرثوذكسية بياناً أدانتا فيه الأحداث الأخيرة بمحافظة شمال سيناء، بقتل سبعة أقباط داخل المدينة منهم اثنين حرقاً.
ونشر تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، يوم الأحد الماضي، تسجيلاً مصوراً مدته 20 دقيقة هدد فيه المواطنين الأقباط بشن مزيد من الهجمات. وعرض التسجيل ما أسماه الرسالة الأخيرة لانتحاري زعموا أنه منفذ عملية تفجير الكنيسة البطرسية التي راح ضحيتها 29 شخصاً في ديسمبر الماضي. ودعا ما يُعرف بـ”تنظيم الدولة الإسلامية مصر” الأسبوع الماضي عناصره إلى قتل من أسماهم بـ”الصليبين في مصر”.
وشهدت عدة محافظات مصرية حوادث قتل لأقباط في الفترة القريبة الماضية منها قتل مواطن قبطي صاحب محل خمور بالإسكندرية قتل ذبحاً أمام نجله. وأكدت مصادر أمنية وقتها أن السبب شخصي وليس طائفياً، كما قتل مواطن قبطي وزوجته ذبحاً بمحافظة المنوفية، ولم تفسر الأجهزة الأمنية السبب حتى الآن.
مينا ثابت، الباحث بملف الحريات والأديان بالمفوضية المصرية للحقوق والحريات، قال لرصيف22 إنه من الصعب فصل حوادث مقتل الأقباط الأخيرة في محافظات الإسكندرية والمنوفية عن ما حدث في العريش موضحاً أنه يوجد مخطط من قبل أفراد التنظيمات التكفيرية والمتطرفة، لتغيير الطبيعة السكانية لأقباط مصر بنقلهم من أماكن سكنهم وانتزاع المكون المسيحي من بعض المناطق، وهذا ما كان يحدث قبل ذلك في صعيد مصر من افتعال أزمات ومشاكل تنتهي بجلسات عرفية، تؤدي إلى تهجير الأقباط من منازلهم.
وأضاف ثابت: “لديهم جميعاً نفس القيمة المشتركة التي يتبعونها بدرجات مختلفة، وهي أنهم يهجرون الأقباط بمباركة الدولة التي تبحث عن حلول سهلة في نقل أصحاب المشكلة وتهجيرهم بدلاً من حل المشكلة نفسها، وهو نفس ما يحدث في سيناء الآن”.
وأكد ثابت أن ما حدث مؤخراً في العريش ليس الأول من نوعه ولكن المختلف فقط أن الانتهاكات هذه المرة كان بها استهداف مباشر وصريح للأقباط داخل منازلهم ومقار عملهم، ورغم أن حوادث القتل بدأت من فترة تزيد عن 20 يوماً، لكن التهجير لا يزال محدوداً لأن أغلب الأسر ليس لديها بديل مناسب.
سمير، قبطي نزح هو وأسرته أيضاً من شمال سيناء بعد مقتل أحد أقاربه. يقول بنبرة فيها خوف وغضب شديد: “الوضع في سيناء بشع وإحنا بنموت عيني عينك، يتم توزيع أوراق عليها أسماؤنا تدعو إلى استهدافنا وقتلنا”.
ويضيف سمير (اسم مستعار بناء على طلبه): “حالة الإرهاب وقتل الأقباط في سيناء موجودة منذ فترة طويلة ولكن الجديد الآن هو فقط زيادة عدد التكفيريين وزيادة عدد الموتى”.
يعلق فادي صبحي، منسق الكنيسة الإنجيلية بالإسماعيلية، على الوضع الآن هناك قائلاً: “توجد 50 أسرة حتى الآن نزحت من شمال سيناء إلى الإسماعيلية، ونحن في انتظار الآخرين ونقوم بتوفير سكن وإعاشة لهم ودعم نفسي من خلال فرق إغاثة من الكنيسة”، ويضيف “أغلبهم مصاب بصدمات نفسية وفي حالة خوف شديد بسبب قتل أفراد من عائلاتهم أمام أعينهم”.
حالة الأقباط بسيناء:
يقطن في شمال سيناء نحو 400 أسرة قبطية وفقاً لمصادر غير رسمية، ولا يوجد رصد حقيقي لحوادث قتل واستهداف أقباط قبل عام 2012 وتولي الرئيس المعزول محمد مرسي الحكم.
ويقول اسحق إبراهيم، مسؤول ملف حرية الدين والمعتقد بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية:” إن “حالة التهجير الأولى كانت من رفح بعد استهداف واعتداءات لعدد من الأقباط شملت اثنين من الكهنة، وكانت حوادث القتل على فترات متباعدة”.
ويرى اسحق أن استهداف الأقباط يعود إلى أنهم الطرف الأسهل فأغلبهم يعملون في وظائف حكومية أو في التجارة، وليسوا من البدو وليس لديهم عائلات وقبائل تحميهم.
ويشير إلى أن مسؤولية الدولة حماية مواطنيها، وبالتالي فهي مسؤولة عما يحدث للأقباط، ولا بد من توفير حماية لهم من الإرهابيين.
ووفقاً لمصادر غير رسمية، من أبرز محطات استهداف الأقباط في شمال سيناء في السنين الماضية التهجير القسري الذي تعرضت له عشرات الأسر القبطية في سبتمبر 2012، إثر هجوم ملثمين على محال وبيوت مملوكة لأقباط، وتوزيع منشور تحذيري يمهل أقباط رفح 48 ساعة للرحيل عنها.
وتلا ذلك إستهداف رجال دين ومواطنين أقباط في حوادث متفرقة، أبرزها اغتيال القس مينا عبود في يوليو 2013 برصاص ملثمين، وبعده القس رافائيل موسى في يونيو 2016، وأعلنت “ولاية سيناء” مسؤوليتها عن مقتل الأخير.
كما تعرض مواطنون أقباط للاستهداف على فترات متقطعة خلال السنين الماضية، منهم تاجر الأدوات الكهربائية مجدي لمعي، الذي وُجد مذبوحاً في الشيخ زويد في نوفمبر 2013.
هجمات ضد الأقباط:
أحداث الخانكة 1972:
تعتبر من بين أبرز الأحداث الطائفية ضدّ الأقباط، وحصلت في العام 1972 في حي الخانكة في محافظة القليوبية، شمال القاهرة، بعد أن أحرق وأزال بعض الأشخاص مبنى تابعاً لجمعية مسيحية كان يجري العمل لتشييده كنيسة.
الزاوية الحمراء 1981:
تعتبر أكثر الأحداث الطائفية التي شهدت سقوط قتلى في مصر، حصلت في القاهرة في العام 1981، ووقع ضحيتها حوالى 81 شخصاً. واندلعت الأحداث بسبب شجار بين جيران مسيحيين ومسلمين، إلا أنّ بعض الروايات تقول إنّ سبب الشجار هو رفض المسلمين بناء الأقباط لكنيسة من دون ترخيص في المنطقة، وتطوّر الشجار إلى اشتبكات بالأسلحة.
خلافات سوهاج 1999:
شهدت قرية الكُشح في محافظة سوهاج، جنوبي مصر، أحد أعنف الأحداث الطائفية في ديسمبر 1999، قتل على إثرها 21 شخصاً وأصيب 33 آخرين بسبب خلافات تجارية.
المسرحية المسيئة 2006:
تسبّب عرض مسرحي داخل كنيسة في الإسكندرية، شمالي مصر، في العام 2006، باشتباكات بين مسلمين ومسيحيين سقط خلالها قتلى وجرحى، بعد أن اعتبر البعض أنّ العرض حمل إساءة للمسلمين.
مطرانية نجع حمادي 2010:
أدّى اعتداء على مطرانية نجع حمادي، في محافظة قنا، جنوبي مصر، في العام 2010، إلى مقتل 6 أقباط وحارس أمن مسلم وسقوط عدد من الجرحى، بعد أن فتح مجهولون النار عليهم أثناء خروجهم من قداس في المطرانية.
كنيسة القديسين 2011:
استُهدفت كنيسة القديسين في محافظة الإسكندرية، شمالي مصر، بتفجير في شهر يناير من العام 2011، تسبّب بمقتل 23 شخصاً وجرح 79 آخرين.
أحداث إمبابة 2011:
اندلعت أعمال عنف على خلفية طائفية في منطقة إمبابة التابعة لمحافظة القاهرة في العام 2011، أودت بحياة 13 شخصاً، وذلك بعد حصار عشرات الإسلاميين المتشدّدين لكنيسة مطالبين باستعادة فتاة قالوا إنها كانت مسيحية وأسلمت وأنها مسجونة في الكنيسة.
أحداث ماسبيرو 2011:
وقعت الاشتبكات خلال تظاهرة أجراها الأقباط احتجاجاً على هدم مبنى كنيسة في محافظة أسوان، جنوبي البلاد، فراح ضحيتها حوالى 36 قتيلاً و290 جريحاً.
أحداث يوليو 2013 وتفجير كنيسة العذراء في الوراق:
تعرّضت أكثر من 42 كنيسة قبطية لاعتداءات وتدمير في يوليو 2013 في مختلف المحافظات المصرية من قبل إسلاميين متشدّدين عقب الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي.
وفي أكتوبر 2013، وقع هجوم مسلّح في كنيسة العذراء في منطقة الوراق، غربي القاهرة، قتل على إثره 4 وأصيب 17 شخصاً.