أخبار وتقارير

خرافة ومكذوب عن النبي ﷺ.. الأزهر للفتوى يحذر من تداول حديث “الصيحة”



كتب: مروان محمد

يهدف تصحيح المفاهيم المغلوطة، خاصة بعد تَدَاول منشوراتِ في نشْرها بثٌّ للخوف، وترويجٌ للكَذِب على سيدنا رسول الله ﷺ والعلم والعلماء، والله سبحانه يحذِّر من الكذب والتعاون على الإثم، كشف مركز الأزهر العالمي للفتوى الالكترونية عن صحَّة حديثِ «الصَّيحة»، وهل هناك أصلٌ لأبيات كتاب «عظائم الدُّهور» المُنتشرة.

قال مركز الأزهر إنه في ظلِّ ما تبذله الدَّولة ومؤسساتُها من جهود لمواجهة فيروس كورونا بالأساليب العلمية ونشر الوعي؛ انتشرت في الآونة الأخيرة على مواقع التَّواصل الاجتماعي بعض الشَّائعات والأباطيل المبنيّة علىٰ الخرافة، والتي لا مُستند يُعضّدها من صحيح العلم والدَّين، ولا نرىٰ في نشرها إلَّا بثًّا للخوف في قلوب النَّاس.

وأضاف المركز في، بيانه المنشور عبر الصفحة الرسمية للمركز على فيسبوك، أن من ذلك انتشار حديثٍ نُسِبَ إلى سيِّدنا رسول الله ﷺ، عُرِفَ على الصَّفحات الإلكترونية بحديث «الهدَّة» أو «الصَّيحة» أو «النَّفخة» التي ستقع في رمضان هذا العام -لا قدّر الله-؛ لأن يوم الخامس عشر منه سيوافق يوم جُمُعة، وهذا نصُّ الحديث المُتدَاوَل:

عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا كَانَتْ صَيْحَةٌ فِي رَمَضَانَ فَإِنَّهُ يَكُونُ مَعْمَعَةٌ فِي شَوَّالٍ، وَتَمْيِيزُ الْقَبَائِلِ فِي ذِيِ الْقَعْدَةِ، وَتُسْفَكُ الدِّمَاءُ فِي ذِيِ الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمِ، وَمَا الْمُحَرَّمُ»، يَقُولُهَا ثَلَاثًا، «هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ، يُقْتَلُ النَّاسُ فِيهَا هَرْجًا هَرْجًا»

قَالَ: قُلْنَا: وَمَا الصَّيْحَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟

قَالَ: «هَدَّةٌ فِي النِّصْفِ مِنْ رَمَضَانَ لَيْلَةَ جُمُعَةٍ، فَتَكُونُ هَدَّةٌ تُوقِظُ النَّائِمَ، وَتُقْعِدُ الْقَائِمَ، وَتُخْرِجُ الْعَوَاتِقَ مِنْ خُدُورِهِنَّ، فِي لَيْلَةِ جُمُعَةٍ، فِي سَنَةٍ كَثِيرَةِ الزَّلَازِلِ، فَإِذَا صَلَّيْتُمُ الْفَجْرَ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَادْخُلُوا بُيُوتَكُمْ، وَاغْلِقُوا أَبْوَابَكُمْ، وَسُدُّوا كُوَاكُمْ، وَدَثِّرُوا أَنْفُسَكُمْ، وَسُدُّوا آذَانَكُمْ، فَإِذَا حَسَسْتُمْ بِالصَّيْحَةِ فَخِرُّوا لِلَّهِ سُجَّدًا، وَقُولُوا: سُبْحَانَ الْقُدُّوسِ، سُبْحَانَ الْقُدُّوسِ، رَبُّنَا الْقُدُّوسُ، فَإِنَّ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ نَجَا، وَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ هَلَكَ». [الفتن لنعيم بن حماد (1/ 228)]

والصواب: أن هذا الحديث مُنكرٌ لا تصحُّ نسبته إلى سيِّدنا رسول الله ﷺ، وحَكَمَ عليه بعض العلماء بالوضع والكذب كالإمام العقيليّ، والإمام ابن الجوزيّ، والإمام ابن القيم، والإمام الذهبيّ رحمهم الله، وغيرهم.

وتابع مركز الأزهر: كما أنَّ التَّاريخ يُكذِّبه؛ لكثرة موافقة الجُمُعة للخامس عشر من شهر رمضان الكريم دون هدَّة، أو صيحة، أو نفخة ولله الحمد.

ومن هذه الأباطيل والشائعات أيضًا: بعض الأقاويل التي تزعم أن وباء كورونا مذكور في كتاب «عظائم الدهور» لأبي علي الدبيسي المتوفىٰ في القرن السادس الهجري (565هـ)، وهذا كذب أيضًا؛ للآتي:

أولًا: لا يوجد كتاب بهذا الاسم، كما أن مؤلفه شخصية مغمورة ومبهمة.

ثانيًا: الكلام الوارد بشأن هذا الفيروس؛ فيه ما فيه من الركاكة والضعف، ولا يتماشىٰ مع أساليب الكتابة العلمية الرَّصينة في القرن السَّادس الهجري.

ثالثًا: قافِية القصيدة المُنتشِرة ورويّها غير موحدَين في حين أنَّ قصايد الشِّعر العربي لم تخرج عن وحدة القافية والرّويّ حتى العصر الأندلسي، والأبيات منسوبة للعصر العباسي.

رابعًا: جاء في الكلام المُتداول كثيرٌ من الأمور الغيبيّة التي لا يمكن لأحد من البشر الاطلاعُ عليها بحال من الأحوال، إلا أن تكون معجزة لنبي، قال تعالىٰ: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا. إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا} [الجن: 26، 27].

لذا؛ يُحذِّر مركزُ الأزهر العالميُّ للفتوى الإلكترونية مِن تَدَاول هذه المنشوراتِ وأمثالها؛ لِمَا في نشْرها مِن بثٍّ للخوف، وترويجٍ للكَذِب على سيدنا رسول الله ﷺ والعلم والعلماء، والله سبحانه يحذِّر من الكذب والتعاون على الإثم فيقول: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [سورة المائدة: 2]، ويقول أيضًا: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [سورة ق: 18].

Print Friendly, PDF & Email
زر الذهاب إلى الأعلى