ولنا رأى بل استفتاء على النظام الذى ارتضيناه
بقلم: محمد صوابى
من المقلق الاعتقاد بأن الانتخابات الرئاسية مجرد انتخابات لاختيار رئيس الجمهورية، ومصدر القلق أن هذه الرؤية قد تدفع إلى انخفاض نسبة التصويت اعتماداً أو يقيناً بأن النتيجة محسومة لما يتمتع به الرئيس من شعبية جارفة لا تدع لمنافسته سبيلاً، وقد يجد البعض فى ذلك مبرراً يعفيهم من التصويت لأنه لن يقدم ولن يؤخر ما دام نجاح الرئيس مقطوعاً به.
رؤية ناقصة مبتورة! على أن هذه الرؤية ناقصة، بل مبتورة، ذلك أن التصويت الذى سيجرى وإن كان لانتخاب رئيس للدولة للسنوات الأربع المقبلة، فإنه ينطوى أيضاً على «استفتاء» على النظام الذى ارتضيناه، والذى نعيشه منذ نجحنا كشعب فى إزاحة حكم الإخوان وما لابسه من بلايا، وما ننعم به الآن من أداء شديد الإخلاص شديد الاستقامة قويم الرؤية يوفر لنا الحماية من خطايا الإرهاب الأسود الجارى القضاء عليه وتجفيف منابعه، وممّا صارت إليه الأمور من صيرورة المصرى موفور الكرامة مرعىّ الجانب فى وطنه وفى نول حقوقه وحفظ أمنه وأمانه، وما بات واضحاً جلياً أن السياسة الاقتصادية وإن بدا ظاهرياً أنها حملتنا بأعباء، فإنها تعالج وتحل مشاكلنا من الجذور، وتواجه بصدق ورؤية وعزم ما نعانيه منذ ستين عاماً من تراجع فى كل باب نتيجة الترحيل وسياسة المسكنات التى لا تعالج مرضاً ولا تقضى على مشكلة، ولا تبنى مستقبلاً يليق بمصر وشعبها! هذا وغيره من الإيجابيات، التى ننعم بها الآن، ينكرها علينا الحاقدون وأصحاب الأغراض والمتربصون، ويصدرون للدنيا صورة مفتراة مشوهة تدعى كذباً أن ما قام به الشعب وخرج له أكثر من ثلاثين مليون مصرى فى 30 يونيو 2013 ليس إلا «انقلاب»، ويجدون لأغراض فى نفس يعقوب مَنْ يجارونهم فى هذا الافتراء المغلوط، لأن مصر مستهدفة، وتركيعها وإخضاعها والسيطرة عليها وعلى مقدراتها هو الغاية.
وليس صدفة أن هؤلاء المتربصين يروجون جهراً وسراً للعزوف عن الاتجاه إلى صناديق التصويت، ويختلقون الذرائع والتعلّات لترويج هذه الدعوة الخبيثة الشريرة، ليقولوا للعالم إن ضَعْف التصويت هو آية على عدم رضاء الشعب عن حكمه، وأن ما وقع لم يكن إلّا انقلاباً على الشرعية وعلى إرادة الشعب المصرى! الطُّعم المخادع! ما يروج له هؤلاء المتربصون بمصر هو إذن طُعم شرير مخادع لهدم مصر والترتيب لركوب قوى الظلام المتحالفة مع أمثالها على رقاب الشعب، وعلى مصير مصر، لتكون مرتعاً لمن أنقذناها منهم، وينجح هذا التدبير الخبيث إذا التقطنا الطُّعم وتراخينا فى التصويت ثقةً فى أن النتيجة محسومة! بل هو استفتاء على النظام الذى ارتضيناه لذلك بات علينا أن نتفطن إلى هذا المخطط الخبيث، وإلى أن التصويت ليس مجرد اختيار لرئيس الجمهورية، بل هو «استفتاء» على النظام الذى ارتضيناه، ورسالة إلى العالم أن مصر ارتضت نظامها عن اقتناع كامل، وأنها تنعم فى ظله بكل ما ارتضاه الشعب وعقد عليه الآمال من بناء دولة حديثة قوية بعد أن تخلص من حكم الإخوان، ورفع عن كاهله هذه الفاشية الغاشمة الضريرة، وأنه لن يقبل بعد اليوم ضيماً، وأنه لا سبيل لخفافيش الظلام للعودة والقفز على الحكم، فمعركتهم سوف تكون مع الشعب نفسه الذى أزاحهم بنفسه بعد أن طفح الكيل ولم يعد فى قوس الصبر منزع! واجبٌ أن نتكاتف جميعاً لتصل هذه الرسالة قوية إلى العالم، معلنةً أن ما قام به ملايين المصريين فى 30 يونيو ثم 3 يوليو 2013، هو تعبير إرادى شعبى يتواصل معه الشعب بالإقبال الشامل النشط على الاقتراع المنتظر، لا باعتباره فقط تصويتاً على شخص الرئيس، إنما باعتباره أيضاً «استفتاءً» على النظام الذى ارتضاه المصريون، ولن يرضوا به بديلاً، مهما كره الكارهون وتربص المتربصون! دور المجتمع بكل آلياته هذه التبصرة لمعنى الاستفتاء لا ينبغى أن تُترك لمجرد الدعاية الانتخابية للمرشحين، ولا يجزئ فى تحقيقها مقال أو أكثر، إنما هى واجب المجتمع المصرى بأسره، بكل آلياته ووحداته، من الإعلام والثقافة والمعاهد العلمية والتعليمية وكل مصادر مخاطبة العقل الجمعى والتوضيح له وتبصيره والتأثير فيه.
الإرادة المصرية إذن، فالإرادة المصرية هى التى على المحك، وهى الإرادة التى طالما ظهرت فى المُلمات وفى المواقف الفاصلة، تبدى أنها كائنة قائمة متفطنة تنبرى عند اللزوم للتعبير القوى عن نفسها. هؤلاء الذين يتربصون بنا وبمصر يبنون حساباتهم على بث اطمئنان يخلد إلى الراحة، ثقةً فى النتيجة الرئاسية، لينقلبوا بعد ذلك ليتقولوا أن انخفاض نسبة التصويت تعبير صامت عن الانسلات من النظام الحالى والرجوع عن تأييده ودعمه.
إننا أحوج ما نكون اليوم لأن نبدى إرادتنا واضحة للعالم، وأن نرسل إليه رسالة قوية أن هؤلاء هم المصريون، يعانقون النظام الذى ارتضوه، ويخرجون عن بكرة أبيهم للتعبير عن مساهمتهم فيه، ووقوفهم صفاً واحداً للدفاع عن مصر والمصريين من أحابيل الشياطين المتربصين، وتأكيد أنهم حين خلعوا حكم الإخوان وارتضوا هذا النظام، كانوا على يقين تام بما يفعلون، وأنهم على هذا اليقين باقون، بل ويزدادون اقتناعاً به على الأيام، بعد أن رأوا المشاكل المهمة تخرج من الأدراج، وتُطرح على الساحة لعلاجها من الجذور، وبعد أن رأوا بناء مصر الشامخ قد انطلق فى مسيرته القوية الواعدة، رغم كل الصعاب، بل المؤامرات والإعاقات، وأن هذا التدبير المضاد لآمالهم ومسيرتهم يدفعهم إلى المزيد من القوة والمتانة والصلابة، وأنهم من ثم خارجون عن بكرة أبيهم ليقولوا نعم للنظام الذى ارتضوه وعقدوا ولا يزالون يعقدون عليه الآمال، فى ثقة وعزم ويقين #انزل_شارك #موعدنا_26_27_28_ مارس أمام صناديق الاقتراع