فساد المحليات ومجلس المدينة
بقلم الدكتور/ ياسر جعفر
تحدثنا في المقالات السابقة عن مجموعة من الفساد التي تدمر المجتمع وتجعل في المجتمع دمور في جميع المصالح والهيئات، وإذا حدث في المجتمع دمور حدث شلل كامل في جميع مصالح وهيئات ومصانع وشركات المجتمع، وكأن هذه الدمور في خلايا المخ، وإذا حدث دمور بخلايا المخ حدث شلل لجميع أعضاء الجسم وأصبح الإنسان هيكل ليست منه أي منفعة، نعم إن الفساد هو السبب في دمار كل شئ هو الذي يأكل الأخضر واليابس، وتكلمنا في المقالات السابقة عن فساد التعليم، وفساد ومافيا العقارات، والرشاوي وكثير من أنواع الفساد، وفي هذا المقال يضع أمام الحكومة وفي خزينة الحكومة عشرة مليار دولار في خلال ساعات من نوعية هذا الفساد، وهو فساد المحليات ومجلس المدينة وما أدراك ما هذا النوع من الفساد، فساد بالمليارات، وكان من الصواب أسمي هذا المقال المفسدون في الأرض، نعم المفسدون في الأرض لأن هذا النوع من الفساد له جذور ومتشعب مثل شبكة العنكبوت، كمية تراخيص تخرج من هذه الجهة كبيرة جداً لا حصر لها منها تراخيص فساد ومافيا العقارات التي استشرت وانتشرت بطريقة مخيفة هناك مباني بالملايين مخالفة وينتج منها أضرار بالسكان وبالمجتمع أضرار جسيمة ومخيفة وكل هذا بسبب الفساد وانعدام الضمير بسبب دفع الرشاوي ليل نهار، وأنا بناشد الحكومة إذا أردتم في خلال ساعات تكون في الخزينة مليارات عليكم بانتشار حملات ليل نهار علي فساد المحليات ومجلس المدينة بسبب التراخيص الغير قانونية وتراخيص المحلات بالملايين الغير قانونية، تراخيص المحلات وخاصة تراخيص محلات أصحاب ورش الصناعة الغير قانونية في المناطق السكنية و التي تضر بالصحة ضرراً جسيماً، كمحلات دهانات السيارات والسمكرة والخردة..إلخ من سلسلة المحلات الغير قانونية والتي تفتح بطرق ملتوية بدفع الرشاوي من باب الفساد والمفسدون في الأرض، وأي فساد أكثر من هذا الأجرام البشع الذي ابتليت به بلادنا العزيزة في هذه الأيام العصيبة من تاريخ امتنا العربية، ونحن والله لا ندري أيصل الحقد الأسود بقلوب هؤلاء من الناس إلي هذا المدي فتضل منهم العقول والنفوس وتطمس القلوب وتعمي الأبصار{فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} أفي هؤلاء بقيمة من انسانية أم ذرة من وطنية أم أنهم شياطين يعضون اليد التي أنعمت عليهم ويجاولون القضاء علي القلب الكبير الذي وسعهم، ولذلك قال تعالي في حق هؤلاء المفسدون{إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} هذا هو حكم الإسلام العادل في قوم ضلوا طريق الهداية وسلكوا طريق الغواية وعاثوا في الأرض فساداً، وهذا جزاء كل المفسدون في الأرض وقال الجمهور هذه الآية منزلة علي أحوال فأن هؤلاء المفسدين إذا قتلوا وأخذوا المال قتلوا وصلبوا، وإذا قتلوا ولم يأخذوا المال قتلوا ولم يصلبوا، وإذا أخذوا المال ولم يقتلوا قطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف، وإذا أخافوا السبيل ولم يأخذوا المال نفوا من الأرض، وروي مثل ذلك عن ابن عباس وقال به غير واحد من السلف والأئمة واختلفوا هل يصلب حياً ويترك حتي يموت بمنعه من الطعام والشراب أو بقتله برمح أو نحوه أو يقتل أولاً ثم يصلب تنكيلاً وتشديداً لغيره من المفسدين، وهل يصلب ثلاثة أيام ثم ينزل أو يترك حتي يسيل صديده ودمه، في ذلك كله خلاف محرر في كتب الفقه ولذلك ينطبق علي هؤلاء القتل والتصلب لأنهم أخذوا المال (الرشوة) وكانوا سبباً في إعطاء المفسدين تراخيص بالبناء المخالف وكانت النتيجة هلاك وانهيار العقارات علي السكان، فقتل من قتل وتشرد من تشرد وكل هذا بسبب الفساد وانعدام الضمير، فينبغي علي رجال الدولة المحترمين وهم كثر، القيام بحملات كبيرة علي هؤلاء والقضاء علي هذا النوع من الفساد المدمر، وقوله (ص) في حجة الوداع {إنَّ دِماءَكُم، وأمْوالَكم وأعْراضَكُم حرامٌ عَلَيْكُم كَحُرْمة يومِكُم هَذَا، في شهرِكُمْ هَذَا، في بلَدِكُم هَذَا، ألا هَلْ بلَّغْت} في هذا الوقت بالذات تتجمع الأفاعي وتحاول الخروج من جحورها لتنفث سمومها في جسم مجتمعنا الطاهر النقي، لابد أن يكون هناك عقاب شديد لهؤلاء المفسدين في الأرض الذين يقومون بقتل الناس بتراخيص مسمومة وبطرق ملتوية ومشبوهة مستغلين الأمن وهو بيحارب دفاعاً عن وطننا الحبيب من الخونة وعملاء الأوطان ودعاة الاستعمار، قال (ص) ” إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ” وحديث النبي (ص) فيما يرويه عن الله عز وجل ” يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا ، يا عبادي ، كلكم ضال إلا من هديته ، فاستهدوني أهدكم ، يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته ، فاستطعموني أطعمكم ، يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته ، فاستكسوني أكسكم ، يا عبادي ، إنكم تخطئون بالليل والنهار ، وأنا أغفر الذنوب جميعا ، فاستغفروني أغفر لكم ، يا عبادي ، إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني ، يا عبادي ، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد ما نقص ذلك من ملكي شيئا ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر ، يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها ، فمن وجد خيرا فليحمد الله ، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه” قال (ص) ” المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهي الله عنه” وعن ابن عمر- رضي الله عنهما أن رسول الله (ص) قال ” المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة” ..
وإلي هنا أكتفي بهذا القدر ..