المعارضة على الطريقة المصرية
بقلم- محمد ابو المجد
سؤال: هل ثمة أحزاب معارضة في مصر؟! “بلاش”.. هل توجد أحزاب في مصر؟!! الإجابة الطبيعية والمنطقية.. لا.. كلها على الورق تقريبا.
السؤال التالي: لماذا تخشى بعض الجهات في مصر من الأحزاب؟! سؤال غير منطقي؛ لأنه لا وجود، أصلا، لأحزاب في الشارع.. إذن ما المبرر الذي يدفع بعض الجهات والأجهزة لوضع بعض الشخصيات على قوائم سوداء، أو “ممنوعة من التداول”، أو محظور التعامل معها، لمجرد انتمائها، اسميا، لحزب ما. ”
طيب”.. هل هناك حزب حاكم في مصر؟! بالطبع لا.. هل الانتماء لحزب، أيا كان هذا الحزب، يعني التورط في جريمة ضد الأمن القومي؟!. “ويكيبديا” تُعرِّف “المعارضة” السياسية بأنها “أية جماعة أو مجموعة أفراد يختلفون مع الحكومة، على أساس ثابت وطويل الأمد عادة، ولو أن المصطلح يمكن أن يصف المعارضة المتعلقة بالقضايا في إطار تشريع واحد أو اقتراح سياسة.. ويطبق المصطلح على نحو أكثر تحديدا على الأحزاب في المجلس النيابي التي تختلف مع الحكومة وترغب في الحلول محلها.. وغالبا ما تمارَس المعارضة في الإطار الشرعي وضمن المؤسسات الثابتة.
ففي بريطانيا العظمى، يتيح التشريع الرسمي في الدولة للمعارضة ممارسة نشاطها بملء حريتها، غير أن المعارضة قد ترفض أحيانا النظام السياسي القائم فتتمرد عليه مما يضفي عليها طابع التطرف.
وخلاصة القول، تضم المعارضة الأشخاص والجماعات والأحزاب، التي تكون مناوئة، كليا أو جزئيا، لسياسة الحكومة. وثمة دول لا تسمح مطلقا بوجود أحزاب معارضة، ومنها دول عربية ولكن مصر خارج مجموعة الدول التي تحظر وجود الأحزاب.
كما تعرف “ويكيبديا” المعارض السياسي بأنه “هو شخص منتمي لحزب سياسي أو تيار سياسي أو حتى صاحب رأي مستقل غير منتمي لتيار ما، ويدعى معارض لأنه يعارض على أسلوب أحزاب سياسية أخرى وعلى طريقة استخدامها للسلطة وينتهي دوره كمعارض عندما يمتلك حزبه زمام السلطة ليدعى حينها بالموالي أو السلطوي.
ويكتفي المعارض بتوجيه المقالات والاعتراضات للأحزاب الأخرى حيث تمثل هذه المرحلة مرحلة من النضج الديموقراطي للمجتمعات.
أيام الرئيس مبارك كان هناك الحزب الوطني الحاكم، ومجموعة من الأحزاب تطلق على نفسها المعارضة، وارتاح النظام لهذا الوصف، “أحزاب المعارضة”.. رغم أنها لم تكن تمارس المعارضة.. الحزب الوحيد الذي كان يمارس المعارضة، ولكن بطرق خفية، وغير قانونية، هو “الإخوان”.
بعد ثورة يناير، كان من غير المستساغ أن يعترف الشخص بانتمائه للحزب الوطني، الذي لم يعد حاكما.. ثم صار حزب “الحرية والعدالة” هو الحاكم، وما دونه معارضة.. حتى الأحزاب ذات الأيديولوجية الدينية، والصبغة الإسلامية.
وبعد ثورة 30 يونيو لم تعد هناك معارضة لأن الجميع اتفق على كلمة سواء، وهي حتمية إزاحة الإخوان، والسلفيين، ومن على شاكلتهم من الساحة السياسية.. وبالتالي لم يعد هناك أي مبرر لتصنيف السياسيين على أساس الانتماء الحزبي، لاسيما أن الحياة الحزبية في مصر راكدة تماما.
المفاجأة التي أذهلتني لفترة من الوقت، واضطرتني لكتابة هذه السطور، أن صديقا في تليفزيون الدولة سألني عن شخصية متخصصة في “تاريخ فلسطين، ووعد بلفور” فرشحت له الدكتور عاصم دسوقي، أستاذ التاريخ بجامعة حلوان، لكنه اعتذر لارتباطه بمحاضرات في وقت البرنامج، فرشحت له المهندس أحمد بهاء شعبان، فطلب مني إرسال الاسم الثلاثي، والعمل، ففعلت “رئيس الحزب الاشتراكي المصري، ورئيس لجنة الشباب بالمجلس الأعلى للثقافة”.. فإذا به يعتذر قائلا: “ياريت حد تاني، لأن الأمن رفض استضافة المهندس أحمد بهاء شعبان”.. سألته عن السبب فقال: “لأنه رئيس الحزب الاشتراكي، وهو من أحزاب المعارضة”.. فجادلته: “هو فيه معارضة في مصر؟!! وبعدين هو يشغل موقعا حكوميا بوزارة الثقافة”.. فأجاب: “والله هم قالوا لي ممنوع”.
هكذا تُدار الأمور في جهاز الإعلام الرسمي.. ثم يتساءلون عن سر تحول المشاهدين نحو القنوات الخاصة، وانصرافهم عن متابعة تليفزيون الدولة!